مقالات وآراء

الوحش الذي يعيش بيننا: تحليل نفسي لجاذبية المجرم النفسية

الدبلوم المتكامل في الصحة النفسية

للمجرم الجذاب سمات شخصية استثنائية، فهو يقع ضمن أنماط من الشخصيات الذين يأسرون العالم بسحرهم الاستثنائي، وذكائهم، ومهاراتهم الاجتماعية المثالية، ليُشعروا المجتمع لاحقًا بالصدمة عند الكشف عن نزعاتهم الإجرامية! لفهم طبيعة هؤلاء الأفراد المحيرة، من الضروري اعتماد نهج متعدد الأبعاد يفحص تكوينهم النفسي، وقدراتهم العقلية، وجاذبيتهم الجسدية، وسماتهم العاطفية. يهدف هذا المقال إلى الغوص عميقًا في هذه التعقيدات، مُناقشة كيف يمكن تحديد هؤلاء الأفراد مبكرًا وما هي التدابير الوقائية التي يمكن اتخاذها لحماية النفس من أن يصبح ضحية غير مدركة.

1. الأساس النفسي الذي يقوم عليه المجرم الجذاب 

الأساس النفسي غالبا ما يكون مزيجًا معقدًا من اضطرابات الشخصية المتعددة. الأكثر شهرة بينها هو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ASPD) واضطراب الشخصية النرجسية (NPD). يؤدي ASPD غالبًا إلى غياب ملحوظ للتعاطف تجاه الآخرين، في حين يغرس NPD شعورًا مبالغًا بالأهمية الذاتية. مزيج مثل هذا يجعلهم ماهرين بشكل خاص في مُحاورة الناس والظروف لصالحهم.

الثلاثي الداكن: تقاطع الصفات المُظلمة

مفهوم “الثلاثي الداكن” يُوضح أكثر فهم اللغز الذي يُحيط بهؤلاء الأفراد. يشمل هذا الثلاثي النرجسية، والماكيافيلية، وعدم الرحمة. تعتبر هذه الخصائص أدوات قوية تساعدهم في الممارسات الخداعية، مما يتيح لهم مُحاورة الآخرين بسهولة مع تمويه دوافعهم الحقيقية.

 2. الخصائص النفسية والعقلية والجسدية والعاطفية

السمات النفسية والعقلية:

استثنائية الذكاء: ليس فقط أن العديد من هؤلاء الشخصيات موهوبون فكريًا، ولكن معدلات ذكائهم العالية غالبا ما تكون أداة للتآمر والتلاعب المعقد.
براعة التلاعب: هم سادة في فن قراءة الناس، فهم ضعفائهم، واستخدام هذه المعلومات للسيطرة عليهم.
غياب الندم: تصرفاتهم، مهما كانت مُستنكرة من الناحية الأخلاقية، نادرا ما تُثير ندمًا أو تأنيب ضمير حقيقي.

السمات الجسدية:

الجاذبية الجسدية الساحرة: غالبًا ما يحافظون على مظهر مهذب، مما يجعلهم جذابين جسديًا وبالتالي أكثر قربًا.
لغة الجسد الواثقة: يبدون بهالة من الثقة، يسيرون ويتحدثون بطريقة تجذب الناس إليهم.

السمات العاطفية:

السحر السطحي: يمكنهم تكوين ما يبدو وكأنه علاقات عاطفية حقيقية بسرعة، وهي في الواقع تكتيكات تلاعب.
العجز العاطفي: غياب التعاطف الحقيقي يجعل من المستحيل عليهم تكوين روابط عاطفية حقيقية مع أي شخص.

 3. هل من الممكن اكتشاف حقيقتهم الجريمية مبكرًا؟

اكتشاف الحقيقة حول هؤلاء الأفراد يعتبر تحديًا غير عادي. فهم يتميزون بقدرتهم على ارتداء “قناع العقلانية”، وهو مصطلح أطلقه الطبيب النفسي هيرفي كليكلي. قدرتهم على تقليد السلوك “الطبيعي” غالبًا ما تكون مُقنعة لدرجة أن الخبراء المدربين يجدون صعوبة في الكشف عن الخداع.

4. كيف يمكن اكتشافهم مبكرًا؟

الدور الاكبر في الوقاية من خطر هذا النمط المجرم يقع على المحيطين به، حيث أنه وفي الحياة لا توجد الثقة أو الإيمان المطلق بالآخر الذي نعيش أو نتواصل معه لذا ينبغي بعد العمل بهذه القاعدة أن نركز على:

التناقضات: ترقبوا للفجوات بين الأقوال والأفعال.
الحدس: انتبه لمشاعر القلق أو العدم الارتياح عند التواجد بالقرب منهم.
الاستشارة المهنية: يمكن للتحليل النفسي أن يقدم الكثير من المؤشرات التي يمكن أن تُحذِر من مخاطر محتملة.

الختام

فهم التعقيدات النفسية لهؤلاء المجرمين الجذابين يُعد أمرًا بالغ الأهمية للتوعية والأمان العام. ومع ذلك، تواجهنا التحديات في اكتشافهم مبكرًا. ولكن، هناك استراتيجيات وإجراءات وقائية يمكن أن تُقلل من المخاطر التي يمثلونها. من خلال التحلي بالوعي واليقظة والاستعداد، يمكن للأفراد حماية أنفسهم بشكل أفضل من الوقوع كضحايا لهذه الشخصيات الجذابة ولكنها خطيرة.

من قصص نجاح المشاركين في دوراتنا

د. محمود الراشد

أخصائي في مجال التقييم النفسي والتنبؤ، خبرة في التحليل النفسي لرسومات الأطفال واكتشاف ميولهم وطموحاتهم. قدم الدكتور محمود العديد من الدورات والورش التدريبية التي استهدفت الأخصائيين والمربين، واشتهر بقدرته على تحويل المعرفة العلمية إلى أدوات تطبيقية. يشغل الدكتور محمود منصب المدير العام المؤسس للأكاديمية الدولية للإنجاز، وهي مؤسسة تدريبية متخصصة في ماليزيا. بالإضافة إلى ذلك، فهو: عضو فاعل في رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية (رانم) وعضو جمعية علم النفس الأمريكية (APA). عضو قسم المحللين السلوكيين في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) A member of the Behavior Analyst Division in American Psychological Association (APA)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
×