كيف يمكن لطريقة ممارسة الذكر أن تؤدي إلى الوسواس النفسي؟
تلعب المعتقدات الدينية دائمًا دورًا محوريًا في تشكيل السلوك البشري. فهي توفر بوصلة أخلاقية، وإحساسًا بالهدف، وغالبًا ما تكون بمثابة آلية علاجية خلال الأوقات العصيبة. ولكن ماذا يحدث عندما تتلاشى الخطوط الفاصلة بين الحماس الديني والاضطرابات النفسية؟ هل يمكن أن تتحول ممارسة الذكر إلى وسواس قهري وغير صحي؟
1. الخط الرفيع بين ممارسة الذكر والوسواس
تعتبر الشعائر الدينية جزءاً أساسياً من حياة المؤمن اليومية. سواء كانت الصلاة أو الصيام أو الذكر، فإن هذه الممارسات تغرس شعورًا بالانضباط والتواصل الروحي. ومع ذلك، عند القيام بها بشكل مفرط أو غير مناسب، يمكن أن تتحول إلى سلوكيات الوسواس القهري، وذلك عندما يبدأ الفرد في الاعتماد بشكل مفرط على بعض الأدعية، أو تخصيص ذكر ما في مواقفة محددة، بسبب الخوف أو الحسد أو سوء الفهم أو الشعور بالواجب في غير محله!، ولا تعتبر المشكلة هنا في “الذكر”، وإنما في أسلوب وطريقة ممارسته، والاعتقاد الوسواسي حول وجوب ممارسته بشكل مبالغ فيه، وأنه بدونه فحتماً ستحدث كارثة!
2. الذكر: الدرع الواقي
الذكر، وهو مفهوم، يمثل فعل تذكر أو ذكر الله. يعتقد الكثيرون أن الذكر يحميهم من الطاقات السلبية والحسد. من الشائع رؤية المؤمنين يتلون عبارات أو آيات محددة، معتقدين أن لها خصائص وقائية. وعلى الرغم من أن هذه ممارسة تستحق الثناء بلا شك، إلا أن المشاكل تنشأ عندما تصبح عكازًا نفسيًا، وذلك باستخدامه بشكل مفرط أو كوسيلة للهروب من المشاكل، قد يصبح ذلك مشكلة نفسية.
3. دوامة الوسواس
تخيل شخصًا يخاف من العين الشريرة أو الحسد. ولحماية نفسه، يمارس الذكر، ويتلو عبارات وقائية بإحساس عميق بالإيمان. ولكن مع مرور الوقت، بدلاً من الشعور بالأمان، يشعر بأنه محاصر في حلقة لا نهاية لها من حتمية النطق وتكرار كلمات محددة. كل مصيبة صغيرة، كل حدث سلبي، يثير إنذارًا داخليًا، ويجبره على القراءة أكثر. والطقوس التي كانت ذات يوم مصدرا للراحة أصبحت الآن مصدرا للقلق. وذلك عندما يتحول الفعل الديني المحمود إلى وسواس نفسي.
4. علامات تحول الممارسة إلى وسواس
فيما يلي بعض العلامات التي تشير إلى أن الممارسة الدينية قد تتحول إلى وسواس:
– الشعور بالقلق أو الضيق “المعطِل” للحياة كلها، إذا فوت أداء ذكر ما!.
– الاعتقاد بأن المصيبة ستقع إذا لم يتم تنفيذ الطقوس على أكمل وجه.
– الإفراط في الاعتماد على الطقوس وإهمال جوانب الحياة الأخرى.
– زيادة وتيرة أو مدة الطقوس بشكل غير متناسب مع الممارسة الدينية للفرد.
5. البحث عن التوازن الصحيح
بالنسبة لأولئك الذين يشعرون أنهم قد ينحرفون إلى منطقة الوسواس بممارساتهم الدينية، فمن الضروري طلب التوجيه. يمكن لعلماء الدين توفير الوضوح بشأن الغرض من هذه الممارسة، في حين يمكن لمتخصصي الصحة العقلية تقديم التدخلات العلاجية. المفتاح هو أن نتذكر أنه على الرغم من أن الممارسات الدينية حيوية، إلا أنها يجب أن تعزز الحياة، وليس السيطرة عليها.
ختاماً
تشكل المعتقدات الدينية أساساً راسخاً في حياة الإنسان، فهي تمنحه السكينة، وتقدم له الإرشاد في لحظات الضياع وتوجه خطواته نحو الصواب. من خلالها يجد الإنسان نفسه ضمن مجتمع يشاركه نفس القيم والأفكار. ولكن، وكما في كل جوانب الحياة، يجب على الإنسان أن يعتمد على الوعي والاعتدال والوسطية والتمييز في تطبيق تعاليم دينه. فالمفرط في الإيمان قد يسير على طريق الوسواس، وهنا يكمن الخطر. فعندما ندرك أن الدين جاء ليسهل حياتنا وليس ليجعلها أكثر تعقيداً، يصبح من الأهمية بمكان التمييز بين ما هو وسواس وما هو إيمان صادق. إن البحث عن الإرشاد والمساعدة عند الحاجة يمكن أن يكون له تأثيرًا كبيرًا في تحقيق التوازن، حتى يظل الإيمان مصباحًا يضيء طريقنا، وليس سلاسل تقيد خطواتنا.
الذكر نوع من أنواع العبادة ولكي لا يصل إلى الوسواس القهري لابد من:
١. استشعار العبودية لله والتقرب إلى الله بهذا الذكر وهذه العبادة.. وهذه غاية الذكر.
٢. استشعار معية الله وإحاطته بالعبد أثناء الذكر.
٣. قبول طبيعة الخلق في بشريته أنه خطاء وأنه ينسى.
٤. التسليم والرضا بقضاء الله وقدرة في الحوادث والملمات دون سخط.
٥. احتساب كل مايمر بنا لله، مع تجديد النية باستمرار والحرص على سلامة القلب.
شكرا لتعليقك دكتورة، وكل النقاط مهمة واعتقد أهمها ان يتذكر الإنسان دائما أنه بشر وأن ما يقع له من خير وشر انما هو من الله سبحانه وتعالى