وهب الله لكثير من خلقه الذرية، وقد استودع أمانته عند هؤلاء الأبوين، وأنه لسائلهم عن وديعته عندهم، هل حافظوا عليها وأحسنوا، أم ضيعوها وأساؤوا؟
ولكل أبوين حريصين على أمانة الله عندهم في أبنائهم نبدأ معا هذه السلسلة المصغرة في أصول تربية الأبناء، وكأنها كبسولات مكثفة بالفيتامينات، إلا أنها فيتامينات تربوية على السريع، ومن أراد الاستفاضة في العلم، فليجتهد بالبحث عن معرفة التفاصيل، فإن أفضل العلم والذي لا ينسى هو مايتم البحث عنه، وليس ما يأتيك على طبق فتعزف عنه.
ونستكمل معا سلسلة الفيتامينات التربوية:-
مرحلة المراهقة المتأخرة من( 18: 21) عاما:
تلك المرحلة العمرية ومواكبتها للدراسة الجامعية، لها خصائص ومميزات عن غيرها من المراحل، ويجب ان تكون أجمل مراحل العمر في حياة أبنائنا.
ها هم فلذات الأكباد بنيناً وبناتاً، أصبحوا يافعين وصاروا شبابا في زهرة العمر، وتجلت صفاتهم الشخصية، وكشفت عن مكنون دواخلهم في اختياراتهم سواء للدراسة أو الفكر.. تلك المرحلة اكتمل فيها النمو الجسدي والنفسي، وسيأخذ الابن/ة عضويته التامة في المجتمع، من حيث أداء دورهم كاملا..
فماذا على الأبوين الآن؟
- استمرارا على كل ماسبق في القواعد الذهبية للتربية، من احترام وتقدير، وإظهار للحب، مع تغذية صحية، ورياضة بدنية، وأنشطة اجتماعية ……إلخ، إلا أنه الآن عهد المصاحبة والصداقة، وتحسس النصح والإرشاد والتوجيه، مع التحفيز والتشجيع.. لتفجير الطاقات، وإشباع الاحتياجات، وتكوين قيمهم الخاصة.
- المساعدة لهم في وقت الشدة سواء لمشاريع الدراسة، أو لسماع حكاياتهم عن الأصدقاء ولهوهم ومرحهم، والحذر الحذر من السخرية او الاستهزاء أو الاستهانة أو الملامة والعتاب، على ما يقومون به من عمل أو دراسة أو أي شيء آخر من هواياتهم، حتى وإن أخطأوا، لأنهم كي يتقنوا لابد أن يخطئوا، فشجعوهم وحفزوهم ليبدعوا ويبرعوا.
- لابد أن يتم تفويضهم لبعض أمور البيت، كتسديد الفواتير عبر النت مثلا، أو التسوق لمستلزمات المنزل أحيانا، أو تصليح بعض الأشياء أو الوقوف على يد العمال إن لزم ذلك، أو مساعدة الأم في شؤون المنزل للجنسين، وليس للبنات دون البنين.. للاعتياد على تحمل المسؤولية، وعدم القلق أو الارتباك منها مستقبلا مع شريك حياتهم المستقبلي.
- لابد من تدريبهم على الخوض في غمار الحياة، من القيام ببعض المجاملات الاجتماعية بديلا عن الأب أو الأم.. لتحقيق الذات وإبراز الشخصية.. وللتعرف على طباع الناس من حولهم ولاستكشاف كيف سيتعاملون معهم، لبناء شخصياتهم ولتنمية قدرتهم على حل المشكلات ومواجهة الأحداث والأمور المختلفة.
- التقرب منهم ومن عمرهم أيها الأبوان سيساعدكما على تخفيف أحمالكم لأنكم معهم ستعودون شبابا، وتتذكرون بعض الذكريات، والتي ستقصونها عليهم لأخذ العبرة منها، وتوخي الحذر مستقبلا.
- كثيرا ما تمر هذه الفترة بنجاح بارع، لكن بكل أسف في هذا العصر، ومع انتشار الفتن والسفه والسفهاء، وانحلال القيم والمبادئ، كثيرا ما يشعر الأبوان بالخزي من تصرفات أبنائهم، وأنهم ما زالوا لم ينضجوا بعد، وعليه فقد يحتاج الأبوان إلى الاستشارات الأسرية، وبالتالي فليسرع لطرق الباب، فأحيانا يقبل الأبناء من الغير ما لم يقبله من أبويه، فلا بأس، فمن المهم الوصول للهدف التربوي المنشود، وليس لزاما أن يكون من الأبوين.
- الالتحاق بالدورات المناسبة للتربية الذاتية، مما يساعد على نموهم الذاتي بشكل صحيح..وأيضا للتخصصات الدراسية مما يساعدهم في مجالاتهم العلمية.
- هؤلاء الشباب أيها الأبوان هم الفئة الأكثر رغبة في التجديد والتطلع للحديث، لذا هم مصدرا أساسيا في تغيير المجتمعات، لذا ارتباطهم بقيمهم الدينية الصحيحة، وثقافة بيئتهم الرشيدة بناء على ما سبق من تربية جيدة، ستساعدهم كثيرا على التطوير والتحديث بما يدفع المجتمع للأمام دونما رعونة أو إيذاء.
- إنهم يفكرون الآن في أسرتهم الجديدة، وما هو مطلوب منهم من مسؤوليات اجتماعية لهذا الشأن.. لذا وجب عليكما أيها الأبوان أن ترشدوهم إلى أصول الاختيار، وكيفيته، ومابين الجنسين من اختلافات فطرية أوجدت اختلافا في التفكير والتعبير، ويتم ذلك من خلال خبراتكم من جهة، ومن جهة أخرى بالالتحاق بالدورات التي تختص بذلك.
- أيها الأبوان الكريمان بعد ال( 21)، وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب، سنترك لهم الحبل على الغارب، وما أنت إلا مرشد أو ناصح إن طُلِبَ منك ذلك، فالتزما.. فتدخلكما أحيانا سيكون غير مقبول، لهذا استخدما تعبيرات الوجه للتعبير عما في داخل انفسكما أبلغ من الكلام، مما سيرشد أبنائكم دونما توجيه، لأن تربيتكم لن تضيع سدى.. وعندها قد يأتيكما ابنكم أو ابنتكم سائلين عن رأيكم بوضوح، فلا تبخلا بالنصح والغرشاد أبدا، حتى وإن لم ينفذ، لأنه سيظل في خلفية تفكيرهما، في عقلها اللاواعي، وعند تكراره سيفعلان ما نصحتماه/ها به عند ذلك.
- ولبناتنا الفضليات أيها الأبوان، فلا يترك لها الحبل على الغارب أبدا، بل ستظلان على علم بمواعيد دراستها، وعملها وخروجاتها مع صديقاتها، مستفسرين ومتابعين كل خطواتها، ليس للشك أو التضييق وإنما لأن العالم الآن بلا قيم إلا من رحم الله، ولأن الله أوصانا كآباء بالإحسان إلى الأنثى وإكرامها، وأنه سائلنا عنها، هل فرطنا وضيعنا الأمانة، أم حافظنا واعتنينا حتى نسلمها إلى من يكرمها ويكون خيرا لها.
الاثنين- 14- 9-2020
26- محرم- 1442
*انتهت سلسلة فيتامينات تربوية*
سايبرجايا- ماليزيا