وهب الله لكثير من خلقه الذرية، وقد استودع أمانته عند هؤلاء الأبوين، وأنه لسائلهم عن وديعته عندهم، هل حافظوا عليها وأحسنوا، أم ضيعوها وأساؤوا؟
ولكل أبوين حريصين على أمانة الله عندهم في أبنائهم نبدأ معا هذه السلسلة المصغرة في أصول تربية الأبناء، وكأنها كبسولات مكثفة بالفيتامينات، إلا أنها فيتامينات تربوية على السريع، ومن أراد الاستفاضة في العلم، فليجتهد بالبحث عن معرفة التفاصيل، فإن أفضل العلم والذي لا ينسى هو مايتم البحث عنه، وليس ما يأتيك على طبق فتعزف عنه.
ونستكمل معا سلسلة الفيتامينات التربوية:-
خامسا: من سبع أعوام إلى أربعة عشر عاما( 7: 14)
ها قد بدأت مرحلة التعليم الصرف، وليس معنى ذلك أنه لا لعب، أبدا.. وإنما العلم والتعليم المكثف في هذه المرحلة العمرية للأبناء، مع استمرارية للأصول التربوية السابقة من ( حب وتقدير واحترام ونقاش وحوار ماتع بنَاء وليس جدليا، مع تجديد النية باستمرار في التربية كمشروع للأبوين إلى الجنة)..
علما بأن هذه المرحلة ستصاحبها بعض المتغيرات البيولوجية استعدادا للبلوغ.. لذا كان لزاما على الأبوين معرفة كل التغيرات التي تطرأ وكيفية التعامل معها.
لذا سنقسم هذه المرحلة إلى جزأين( من 7: 10)، ومن( 10: 14)، ولنبدأ بالمرحلة العمرية للأبناء– قلوبنا التي تمشي على الأرض- وما هي الفيتامينات التربوية السريعة لهذه المرحلة الرائعة؟
مرحلة(7 :10) سنوات وفيتامينات تربوية للأبوين على السريع:
- عند بلوغ طفلكما سنته السابعة، لابد من حفلة إقامة الصلاة، لأن نبينا أمرنا أن نبدأ تلك المرحلة بتعليم الصلاة ( علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولتعليم الصلاة أصول، نبدأها بحفلة استقبال لهذا الأمر- الصلاة- لاسيما مع أترابه الذين هم في مثل عمره/ها لتكون حفلة ماتعة لا تنسى، تقدم فيها الهديا العادية من ألعاب وغيره، لكن لابد من سجادة الصلاة وملابس الصلاة بما يناسب الطفل/ة، ولابد من تهيئته مسبقا لهذه الحفلة، لينتظرها بتشوق شديد، واجعلوها أيها الأبوان حدثا تاريخيا في ذاكرة طفلكما، ليس بالإنفاق المسرف، وإنما بما تحمله من مشاعر الحب والفخر والتقدير لطفلكما، فالمال هنا ليس الوسيلة المطلوبة، وإنما المشاعر الصادقة وهذه القاعدة الذهبية( 11) في التربية.
- يقول الله في كتابه الكريم ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) 132 طه..
- أي أنقذ أهلك( زوجك وولدك) من عذاب الله بإقام الصلاة، حثهم عليها، علمهم إياها فيما يصلحها ويفسدها، حتى يقيموها على وجهها الأمثل الذي يرضي الله عنهم.
- واصطبر(شدة الصبر) على القيام بها وأدائها بحدودها، وأركانها وآدابها وخشوعها والصبر على ذلك بقوة، بل ادعاء الصبر بالتصبر حتى يصير اصطبارا.
- فإذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، فرزقك الله كافله، فلا تنشغل عما أنت ستحاسب عليه (أهلك زوجك وولدك) بما كفلناه لك، فإنك ستحاسب على التقصير في تعليم أهلك ولن تحاسب عن قيمة رزقك لأن الله كفله لك.
إذن (الحث- الاصطبار- الانشغال بما ستحاسب عليه أمام الله) وهذه القاعدة الذهبية (12) في التربية، وأول قواعدنا الذهبية في تعليم أبنائنا.
- ستبدأ المرحلة المدرسية أو أنها بدأت بالفعل مسبقا، لذا من أهم وأجل الفيتامينات التربوية في مرحلة التعليم المدرسي عدم الإكراه أو الضغط أيا كان سببه، كل ماعليكما أيها الأبوان في هذه المرحلة أن يحب طفلكما المدرسة وأجواءها، وتتكون له صحبة من بيت صالح وأبوين صالحين مثلكما، وهنا سيجري البحث عن ذلك بحرص شديد..
- إياكما والضغط على الطفل في أداء الواجب.
- إياكما وأداء الواجب عنه.
- إياكما ومقارنته بأي طفل آخر أميز منه.
- إياكما ومناقشة أحواله أمامه أو على مسامعه.
وهذه القاعدة الذهبية (13) في التربية، والقاعدة الذهبية (2) في تعليم أبنائنا.
- ما قبل المدرسة.. كان ولا بد من تحفيز وتهيئة الطفل للمدرسة وأجوائها وقص بعض القصص الجميلة في ذاكرة الأبوين في مثل هذه المرحلة لهما، أو لغيرهما بما هو أنسب ومشجع للطفل، مما يثير شغفه لدخول المدرسة ويحفزه على ذلك.
- الاعتناء بنظافة الطفل/ة الشخصية وملابسة المدرسية، من طي وكي، وكذلك الأدوات من حقيبة وغيرها بما يناسب حالة البوين المادية، فما هو نظيف ومُنمَّق أهم كثيرا من الماركات والبرندات العالمية المتسخة والمهملة.
- الاعتناء الصحي الغذائي بحقيبة الطعام، ونوعية الوجبات الخفيفة للطفل، مع إقناعه وتثبيت مفهوم الصحة والتغذية المثالية أهم من كل شيء جذاب ومضر.. ولحل هذه المعضلة، فعلى الأبوين مناقشة طفلهما فيما يريد إعداده خلال الأسبوع المدرسي لحقيبة الطعام، لا سيما إن شارك في بعض الإعدادات ( شراء- تجهيز) للاستمتاع والتحفيز على الأكل منه بعد ذلك، مع إيجاد بدائل مشابهة لما قد يشتهيه الطفل، وقد أصبح اليوتيوب مملوء بالكثير من البدائل الصحية للأطعمة المضرة، فلا تبخل الأم الناصحة الواعية على فلذات أكبادها بقليل أو حتى كثير من الجهد والوقت في إعداد ما يرضيهم ويكون صحيا ومفيدا لهم.
- بعض المشكلات قد تواجه طفلكما في المدرسة، إما من المعلمة (وهذا نادر في هذه المرحلة) وهنا لا بد من التوجه لإدارة المدرسة لتغيير المعلمة أو الفصل..
وإما أن تكون بعض المشكلات من خلال أطفال أخر، وهنا لا بد من التواصل مع معلمة الفصل لتعرف المشكلة وتجتهد في حلها مع متابعتكما للمعلمة في حل المشكلة بالتواصل البناء غير الملح أو الممل، وهذا أحد جوانب الحل..
أما الجانب الآخر فيكون مع طفلكما بعرض حوار بناء في تلك المشكلة وكيفية حلها بمشاركته، وانتبها أيها الأبوان أنتما تعلمان ابنكما الآن كيف سيواجه الحياة بدونكما، لذا لا بد من ترسيخ مجموعة من المبادئ في حل المشكلات ( معرفة المشكلة- تحليل أسبابها- أدوات الحل الأنسب فالأنسب)..
تذكرا دائما أنكما لن تعيشا باستمرار لأبنائكما، يوما ما ستتركونهم في الحياة بدونكما، فلا بد من أن يكون الغرس صحيحا وقويا ليشتد العود ويقوى الغصن، وهذه القاعدة الذهبية (14) في التربية.
وإياكم أن تعتقدوا أنه صغير لا يفهم، هو يفهم إن أفهمتموه بما يناسبه من خطاب على قدر عمره وعقله، وأنتما أيها الأبوان أفهم لابنكما عن سواكما، فلا تتجاهلا أو تتكاسلا عن إفهام الطفل بحجة أنه صغير، لأن الكارثة أنه قد يفهم بأسلوب سيء أو خطير من غيركما أو من خلال تفكيره الذي لم ينضج بعد متأثرا بمختلف البيئات من حوله، فيأتي بما لا يحمد عقباه فيما بعد ذلك.. وهذه القاعدة الذهبية(15) في التربية.
- لا توقفا حياة طفلكما أيها الأبوان على العملية التعليمية المدرسية فقط، فهناك الكثير الماتع من العلوم والمواهب والقدرات، طفلكما في حاجة لها جميعا، لينمو باعتدال ذهنيا وفكريا وبدنيا وصحيا وعلميا ودينيا، وهذا لا تحققه المدارس أبدا، لا الخاصة ولا العامة، وإنما يحققه الأبوان الواعيان اللذان يعدان طفلهما لحياة ولزمان غير زمانهما وحياتهما، وهذه القاعدة الذهبية (16) في التربية، والقاعدة الذهبية( 3) في التعليم.
- في عمر التاسعة والعاشرة تبدأ شخصية الطفل تتضح معالمها، فاستمرا بالغرس والرّي والتعهد، مع الصبر والحلم، فإن الله لايضيع أجر من أحسن عملا، ولا تنسوا أبدا أن كل منتج له مدخلات وعمليات ليعطينا مخرجات، وطفلكما هو منتجكما، فما أدخلتموه، وماقمتم من عمليات تربوية وتعليمية، هي ماتشاهدونه فيه من مخرجات وهذه القاعدة الذهبية( 17) في التربية، والقاعدة الذهبية (4) في التعليم.