مقالات وآراء

الانطوائية: المشكلة والعلاج

الدبلوم المتكامل في الصحة النفسية

يتعجب بعض الأباء من أبناءهم ذوي الثانية عشر عاما، أنهم لا يحبون الاختلاط بالمجتمع، أو الحديث مع الآخرين، وأنه مكتفٍ بصديقٍ واحدٍ فقط غالباً.. ويرفضون الرحلات، والحفلات العائلية، ويفضلون قضاء أوقاتهم في البيت، رغم أنهم متفاعلون في البيت بشكل عادي، ويخشون من انطوائية أبنائهم مستقبلا.. فما هي الانطوائية؟ وما مظاهرها، وأسبابها؟ وكيفية علاجها والتخلص منها؟

أولاً: تعريف الانطوائية

      الانطوائية مشكلة حقيقية، عادة تظهر بوضوح، فترة المراهقة المبكرة- الثانية عشر-، حيث يرفض الابن/ ه، الاختلاط والاندماج مع المجتمع، كأقارب، أو زملاء دراسة، أو الأصدقاء والمعارف، مفضلا الوحدة، وإنجاز مهام حياته اليومية منفرداً، دون الاستعانة بمن حوله.

    والانطوائية غالبا ما تكون نتيجة، لمواجهات في الطفولة_ من عمر العامين-، على مراحل متفرقة، وبصورة متدرجة.. وهي عند الإناث غالبا أعلى نسبة من الذكور لاختلاف الطبيعة النفسية لدى النوعين، فالإناث أكثر حساسية ورهافة من الذكور عادة.

ثانياً: مظاهر الانطوائية

  1. النفور من الزملاء أو الأقارب، وتجنب الدخول في أحاديث مشتركة معهم.
  2. الجلوس وحيدا منفردا أثناء الاجتماعات والمناسبات العائلية.
  3. وقد يصحب هذه المظاهر الخوف، أو القلق والتوتر، أو المكوث على الموبايل لفترات طويلة
  4. أحيانا يصحبه بعض الآلام الجسدية من صداع أو مغص أو سرعة ضربات القلب.
  5. زيادة الحرج والخجل، وربما أيضا احمرار الوجه عند الحديث مع أحد.
  6. الشعور بالرهبة مع من حولهم، مع ضيق صدورهم بذلك..

     وكل هذه السلوكيات تؤثر على نمو الطفل اجتماعيا، وربما تصل للتأثير العقلي، تبعا لاضطراب السلوك الذي لديه (قليل- زائد).. ولذا لابد من السيطرة على الانطوائية لدى المراهق، قبل أن تتحول إلى اضطراب سلوكي، أو مرض العزلة-الانعزال النفسي-.

ثالثاً: أسباب الانطواء

  • أسباب وراثية:
  • نتيجة النشأة في بيت يتسم أفراده بالانطواء، وحب العزلة، وعدم الاختلاط..
  • أن أحد الأبوين أو عائلتهما انطوائي.. أو أن هناك تاريخ مرضي للإصابة بالاكتئاب.
  • أسباب فسيولوجية:
  • خصائص المرحلة العمرية كمراهقين، حيث تؤدي التغيرات الفسيولوجية أحيانا إلى تفضيل العزلة، وعدم التواصل مع الآخرين.
  • يقول الأطباء: توجد مجموعة من الخلايا العصبية في جذع المخ مسؤولة عن درجة الوعي، يطلق عليها- نظام التنشيط الشبكي RAS -، ويختلف من شخص لآخر، وبالتالي النشاط الأعلى يتبعه رغبة قوية في التفكير وتحليل المواقف والهدوء والميل للسمات الانطوائية، والنشاط الأقل لهذا المركز العصبي يتبعه الميل للسمات الانفتاحية أو الاجتماعية. (وعلى هذا فإن الانطوائية للكبار مختلفة تماما عن المراهقين لأنها هنا ميزة).
  • أسباب تربوية:
  • التربية بحماية زائدة وخوف شديد، وخاصة للمغتربين.. وكذلك تعدد الانتقال بين الدول وتغير بيئته ومدرسته.
  • العنف التربوي جسديا ومعنويا، بالعقاب الشديد، أو المهين.
  • إحساس الطفل بعدم قبول أبويه أو أحدهما له شكلا أو سلوكا أو دراسيا.

د. أن تكون بيئة النشأة منعزلة كالصحاري، ولا تحمل أفكارا منفتحة على المجتمع.

هـ. التربية على عدم التعاون مع أخوته، وعدم الاختلاط بالآخرين.

و. تحميل الأطفال ما لا يطيقون من مشكلات أو أعمال تشعرهم بالعجز والفشل.

ز. عدم العدل بين الأبناء، وعدم تعليمهم الفوارق بين احتياجات الأخ الأصغر والأكبر، أو بين البنت والولد، أو بين الصحيح السليم المعافى والمريض والمعاق.

ح. ضعف الروابط الأسرية، أو وجود مشكلات بين الأبوين.

  • أسباب نفسية:
  • الخوف من حدوث مشاكل، أو الخوف من الغرباء.
  • ضعف أو انعدام الثقة بالنفس، تفرز مخاوف من ردات فعل الآخرين.

ج. انعدام أو ضعف تقدير الذات لديه، مما يجعله يفتقر اللباقة والذوق في بعض المواقف.

رابعا: علاج الانطوائية

  • من خلال( الأسرة) الأبوين:
  • قبول الأبوين لطفلهما مهما كان به من عيوب شكلية أو جسدية، وتجنب تقبيحه والتقليل من شأنه ومقارنته بالآخرين.
  • تعويضه بالحب والاهتمام حال انفصال الأبوين أو موت أحدهما دون إفراط.

ج. علموا أبناءكم الثقة بالنفس، من خلال مشاركته لكما النقاش وأخذ رأيه فيما يتعلق بما يخصه، وبعض ما يخصكما، بما يناسب عمره.

د. التربية بإحسان فلا إفراط أو تفريط في المشاعر، وكذلك في الثواب أو العقاب، أو في بث الثقة وتحقيق الذات.

ه. العدل بين الأبناء تبعا للاحتياج والعمر، والظروف المرضية.. فالتفريق في المعاملة تشعره بالانعزال والوحدة.

و. تقوية الروابط الأسرية، وإشعاره بالحب والاحترام بين الأبوين، ومعه، ومع إخوته.

ز. تشجيعه منذ الصغر لإنشاء علاقات- متعددة- صداقة وزمالة، وفي أماكن اللعب.

ح. تعليمه مهارات التواصل، من حسن استماع، والتحدث بلباقة، وكيفية مواجهة السؤال والإجابة عليه.

ط. اكتشاف مواهبه وقدراته وتنميتها بالتشجيع والتحفيز والمساعدة في توفيرها.

ى. الإطراء والثناء والشكر، يجب أن يُلقَى على مسامعه ليزيد ثقته بنفسه، ويقدر ذاته.

ك. الحوار البناء فمناقشة قناعاته التي تؤدي لانطوائه، وكيف يتم تخطيها معا، أو لمعرفة الأبوين لها لكيفية علاجها.. حوارات أقرب للجلسات النقاشية وصالونات الأدباء بما يناسب عقله وعمره، لتحرير معتقده (إن وجد كسبب لرفض الاختلاط بين الآخرين)، ومعرفة سبب هذا المعتقد، ولابد أن تكون هذه الحوارات بكامل الحرية والوقت للتعبير عن ذاته وأفكاره.

ل. لابد من اكتشاف العالم حول طفلكما في المدرسة أو النادي أو حين الانتماء لبعض الجماعات في المدرسة، أو في الحي، لاكتشاف نواحي قوته وقدراته، والعمل على تنمية شخصيته بما يناسب احتياجه، بحب وعطف ودفء وأمن.

م. تشجيعه على التعبير عما بداخله، والتاكيد على نقاط القوة لديه.

ن. تحميله ما يستوعب ويستطيع، من مسؤوليات أو مشاركات، لتكسبه الثقة بالنفس وتقدير ذاته.

           2- من خلال المستشار النفسي، فلابد من اللجوء إليه لمساعدتك، ومتابعتك وتوجيهك، إن لم تستطع

               القيام بنفسك بكل ماسبق، أو قمت به ولم يجدِ نفعا، فالجأ لأهل الاختصاص.

من قصص نجاح المشاركين في دوراتنا

هيام الدسوقي

مدرب حياة، مستشار تربوي وأسري- تركيا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
×