قُدِّم لأدب الأطفال العديد من المفاهيم، حيث ترتب عليه ظهور اتجاهات ووجهات نظر متعددة ومتنوعة وبالتالي فإن إسناد لفظة الأطفال إلي الأدب يترتب عليها إيجاد تعريف وحدود لهذا النوع من الأدب بأنه كل النتاجات العقلية الموجهة للطفل وهو يضم شتي فروع المعرفة.
ويٌعرف أيضا بأنه
الكلام الجيد االذي يستثير الأطفال، فيستمتعون بكل ما يقدم لهم، سواء أكان شعرًا أم نثرًا، شفويًّا أم تحريرًا (نجيب ، 1990 ).
وبالكتابة عن النتاج الأدبي الذي يُقَدَّمُ للأطفال فهو كثير ومتنوع، وتكفي متابعة بعض المجلات المختصة بأدب الأطفال في مختلف أقطار الوطن العربي المطبوعة منها والإلكترونية وما يظهر على الساحة من إصدارات خاصة من دور النشر والمؤسسات الثقافية لنعرف أنه لدينا محصول وفير من أدب الأطفال يحتاج إلي دراسته ومراجعته وتنظيمه لكي يُستفاد منه في تنمية وتعليم وتلقين الأطفال كل مايحتاجون إليه من معارف وعلوم وسلوكيات.
وقد تناولت المقالة الحالية – القصة – كجزء أساسي من الادب المعد للطفل ومحاولة التطرق إليها بشكل عام للفائدة منها في تنمية – القيم – الدينية والاجتماعية، حيث تعتبر القصص من الوسائل التربوية الهادفة والتي يتم استخدمها بكثرة في مرحلة الطفولة، والتي تعد من أهم المراحل العُمريّة التي يمر بها الإنسان؛ لعدم امتلاكه المهارات والقدرات والمعارف في الحياة، وبالتالي يُمكن لنا ترسيخ أي أفكارٍ سواء كانت أفكاراً إيجابيةً أم سلبيةً في عقل هذا الطفل بسهولة، وعليه من الهام ان يتم النظر إلي أطفال هذه المرحلة علي أنهم خامةٌ قابلةٌ للتشكيل؛ ومع وجود إرث أدبي عربي كبير يختص بمجال القصة المقدمة للطفل نذكر منها ( السندباد البحري ) كأشهر مؤلف عربي ، تم إعادة كتابته وتقديمه من قبل المؤلف الليبي ( كامل الكيلاني ) الذي عمل علي تقديم مكتبة قصصية كاملة للأطفال، والتي أتسمت بالأصالة والغزارة وأهم مايميزها ان لكل مجموعة من قصصه تختص بمرحلة محددة من مراحل الطفولة.
وقد لمعت العديد من الأسماء لكتّاب عرب ارتبطت أعمالهم بمجال القصة المقدمة للأطفال نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر محمد العريان، محمود زهران، محمد عطية الأبرشي وغيرهم من كتاب القصص المقدمة للصغار في مصر، وباقر سماكة و معروف الرصافي وغيرهم في العراق، والأب نقولا ونصرت سعيد في سوريا ( العواسي، 2006 :28).
هذا وقد ظهر عدد من الكتّاب الليبين الذين ارتبطت أعمالهم بمجال تأليف القصص الخاصة بالأطفال نذكر منهم (خليفة حسين مصطفي)، حيث قام بتأليف مجموعة أعمال عن قصص الجهاد التي طبعت عام 1985، وأعيد طبعها مرة أخري عام 1992 ، كما قدم (يوسف الشريف) مجموعة قصصية متنوعة في أشكالها وأحجامها منها قصص ليبية للأطفال وهي مجموعة مكونة من عشرة أجزاء ، ومن مؤلفاته أيضا طفل يقرأ وهي مجموعة مكونة من خمسة عشر جزءا ، كما كان للكاتب الليبي ( سالم الأوجلي ) مجموعة قصصية قدمت للأطفال بعنوان ( هيا أرسمني ) تكونت من اثتني عشر جزءا لكنها اختصت بمرحلة الطفولة المتأخرة ، كما كان ( لسكينة إبراهيم بن عامر ) أسهامها الادبي الكبير في مجال القصصص المقدمة للأطفال حيث أسهمت في تزويد مجلة ( الأمل ) ، بالقصص المتنوعة والهادفة بما تحمله من قيم تربوية وأخلاقية ودينية هادفة ( الأسطي ، 2002 : 2)، وغيرهم من الكتاب اللليبين الذين عملوا علي مجال التأليف للطفل العربي والليبي ، وعلي الرغم من كل ذلك الأرث الادبي الهائل إلا انه قد لاحظت الباحثة انه يتم أهمال استخدام القصة في التربية والتعليم في مرحلة رياض الأطفال تحديدا وهي المرحلة الأولي في سلم التعليم الإلزامي والأساسي ، وان تم استخدامها فهي في الغالب مايتم استخدامه بشكل غير مفيد بمعني انها توظف للتسلسية ولسد فراغ غياب معلمة القاعة مثلا ، فتقوم المعلمة البديلة باستخدام القصة لشغل وقت الفراغ ، وعلي الرغم من ان أغلب البحوث والدراسات الأجنبية والعربية قد أكدت علي انه من الهام ان يتم استخدام المدخل القصصي ( أسلوب التعلم بالقصة )، في مرحلة رياض الأطفال بشكل علمي منظم ومخطط له بطريقة قصدية وذلك خدمة لتحقيق عدد من الأهداف التربوية والتعليمية المختلفة ، ولما لها من تأثير كبير في تنمية الجانب الجانب الوجداني والادبي لدي الطفل ،ومن هنا نؤكد على أنه لابد من التعرف على فاعلية القصة ودورها في تنمية القيم التربوية والأخلاقية المختلفة لدي أطفال الروضة والوقوف علي مدي قدرتها في تحقيق ذلك لما لها من أثر كبير على الطفل وعالمه وشخصيته وببيئته ، علي افتراض ان استخدام القصص سيكون لها أثر هام في تنمية القيم التربوية الهادفة بأنه سيكون لدي الطفل، حيث قد تسهم تلك الفكرة في تزويد الأطفال في مرحلة الروضة بطريقة تعليمية حديثة وسهلة التطبيق وغير مكلفة وملائمة بشكل كبير لخصائص هذه المرحلة الهامة و التي ينمو فيها الطفل بشكل سريع ، فالروضة بما تقدم من برامج و أنشطه مختلفة ينبغي ان تساعد الاطفال علي النمو السليم (جسميا / فكريا / لغويا / خلقيا / اجتماعيا ) وتوسع مداركهم ، وصقل مهارتهم و تشبع حاجاتهم المختلفة و تهيئهم أيضا للمرحلة الابتدائية .
أهداف أدب الأطفال
ونريد من أدب الأطفال أن يحقق عدداً من الأهداف الكثيرة التي تدخل تحت أربعة أهداف رئيسة هي:
أهداف عقدية.
أهداف تعليمية.
أهداف تربوية.
أهداف ترفيهية.
وذلك التقسيم لكي لا تتداخل الأفكار، وإلا فكل الأهداف تدخل تحت الهدف العقدي؛ لأننا أمَّةٌ عقيدتنا تشمل جميع شؤون الحياة الكبيرة منها والصغيرة .فأذا أردنا توطين القيم فعلينا أن نعمل علي أختيار الطريقة الأنسب في ذلك وعليه يعتمد هذا الفصل تناول عناوين ذات علاقة رئيسية بموضوع الدراسة الحالية تم تحديدها في الآتي :
ماهية القصة
- تعتبر القصة من أقدم الأساليب الأدبية التي تعمل على تنمية الفضائل في النفس، فهي السبيل للدخول إلى عالم الطفل ويبقى أثرها في نفسه ووجدانه، فالطفل يستمع للقصة بكل حماس وشغف، فهي مصدر للمتعة والتسلية والتربية، فيقضي وقتاً ممتعاً في سماعها ومتابعة أحداثها، وبذلك تكون القصة لها أثر بالغ في حياة الطفل وتربيته، وكما يرى الكيلاني (1991) بأن للقصة ذات أثر بالغ في التربية والتنشئة، والقصة الناجحة تزود الطفل بمختلف الخبرات الثقافية والوجدانية ولنفسية والسلوكية (الكيلاني ، 1991 :54)، ، وتري الباحثة أن للقصة أثر نفسي عميق، خاصة إذا مــا وضعت في إطار مشوق يشد الانتباه ويؤثر في العواطف والوجـدان، فيتفاعل معها الطفل ويتقمص بعض شخصياتها، وبهذا يستشـــــعر انفعالاتها ويرتبط نفسيًا بالمواقف التي تواجهها، وهذا مـــا يثير فيه النوازع الخيرة، وينعكس في سلوكه وتصرفاته.
- تعد القصص من أهم المواد القرائية المقدمة للطفل باعتبارها أقوى عوامل استثارته، وأكثر الفنون الادبية ملاءمة لميوله ، فالأطفال شغوفون دائما بالقصة مولعون بها يتوحدون مع أبطالها ويعايشون أحداثها ، فعن طريقها تقدم الأفكار والخبرات والتجارب في شكل حي معبر مشوق جذاب مؤثر ، وعن طريقها نثرى المفردات اللغوية و القيم الاجتماعية و الدينية ونحببه في القراءة ولا يخفى علينا أهتمام الأطفال وولعهم بالقصة ، وأهميتها في تلبية حاجاتهم المختلفة، من حاجة إلى التوجيه والحب والحاجة إلى النجاح والحاجة إلى الاستقلال، والحاجة إلى التقدير الاجتماعي، وبناء على أشباع هذه الحاجات المختلفة، تنمي القصة جوانب النمو مختلفة ومتعددة لدي الطفل أيضا أهمها الجوانب العقلية والاجتماعية والنفسية والمعرفية .
أهمية القصة
تكمن أهمية قصص الأطفال في أنها تبدأ من الواقع الذي يعيشه الطفل ، وتقترب به تدريجيا من عالم الكبار ، كما أن القصة تعطي الأطفال شعورا واضحا بالعلاقة بين خبراتهم الشخصية وخبرات الإنسانية كلها ،ولها دور كبير في تنمية الطفل نموا متكاملا في جوانب شخصيته الجسمية واللغوية والعقلية والانفعالية والاجتماعية ويمكن أيجاز بعض مميزات القصة في إنها اقل الوسائل التعليمية تكلفة وفي متناول جميع الأطفال ، وسيلة تعليمية سهلة حيث تزود الطفل بمختلف المفاهيم العلمية والاجتماعية والحركية وغيرها بطريقة سهلة ومشوقة ، والقصة جيدة الطباعة ، جذابة التصميم ، تجذب انتباه الطفل ، وتخاطب حواسه ، وهي تساعد الطفل علي تعميق وعيه بتاريخه وتراثه الديني والقومي والخلقي ، والقصة بما تحتوي من مضمون خلقي واجتماعي توجه الأطفال توجيها غير مباشر ، وتساعده علي تقريب المفاهيم المجردة لعقله (سليم،2005 :43) ، نقلا عن ( حسين ، 2016).
الأغراض التربوية للقصة
- قراءة القصة للطفل لخلق جو من الألفة بين الطفل والأدب بشكل عام.
- التسلية والمتعة والجو العام الايجابي المهيمن على قراءة القصة.
- توصيل المعلومات للطفل عن طريق القصة وبطريقة غير مباشر.
- القصة متنفس لانفعالات الطفل، ووسيلة لبلوغ أحلامه ورغباته. عن طريق التمثيل وإطلاق المشاعر والأحاسيس على سجيتها.
- تدريب الطفل على الحوار الديمقراطي، واحترام الرأي المختلف.
- تدريب الأطفال على مهارات فن الإصغاء والحديث.
- التنمية العقلية من خلال تعلم تسلسل الأحداث المنطقي وإكساب الأطفال مفاهيم وقيم اجتماعية جديدة ، وهي تعد مدخلا مهما إلى تعلم وغرس القيم والفضائل وآداب السلوك الاجتماعي، وهي أساس التربية الســـــــلوكية الصحيحة، وقد استخدم الإسلامُ القصة كأسلوب من أساليب التربية؛ لغرس واكتساب القيم والعادات السلوكية الفاضلة، فقد أمر الرسول ﷺ المسلمين أن يأخذوا عنه كيفية أداء العبادات. والقيام بالفضائل والاتصاف بالصفات الحسنة وقد نقلت إلينا أهم تلك الصفات من خلال رواية القصص عن النبي ( صلوات الله عليه وسلمه ) ، وتعلمنا عنه ومنه مكارم الخلق .
- قد يجعل الأطفال من القصة لعبة يلعبونها أو يمثلونها، مما يساعد في إطلاق المشاعر والأحاسيس وتقليد الشخصيات المؤثرة فيها ( صالح ، 2010).
القصص في الأدب المحلي الليبي
عند الحديث عن أدب الأطفال في ليبيا تحديدا،لابد من إعطاء نبذة عن القصص الشعبية المتداولة شفهيا والتي تشمل بالضرورة الجزء الخاص بالطفل وهو نوع من الآداب الشعبي تواجد على الدوام في كل المجتمعات وتخلل ثقافاتها وعند كل الشعوب ومن بينها المجتمع الليبي منذ القدم، وذلك قبل ظهور الطباعة في شكلها الحديث، ورأت الباحثين أنه من الهام إن يتم التعريف بهذا النوع من القصص ولو بشكل موجز .