إنّ من أهم العوامل التي ساعدت على نمو الديموغرافية والدراسات السكانية هي زيادة سكان العالم ، حيث أدت الزيادة الكثيرة في القرن السادس عشر إلى ظهور مشاكل في الحركة والهجرة ومشاكل العمال كل ذلك أدى ألي تطور الاهتمام بالدراسات السكانية و ظواهرها ، كما أدى إلى ذلك النمو الصناعي على المستوى القومي وما كان يصاحبه من هجرة السكان إلى المدن الصناعية ، حيث أن هذه الهجرات أدت إلى الضغط على الحكومات لتوفر ما تحتاجه من خدمات ولذلك رأت الحكومات أن توفير الرفاهية واحتياجات السكان تتطلب رسم الخطط الواقعية الأمر الذى يتطلب إجراء دراسات سكانية وساعد نمو وتقدم البحث العلمي وزيادة الإقبال عليها لبلورة فكرة الأساس أو المستوى الإقليمي الذى يقرب الدراسات السكانية من الواقع.(1) كما ترتب على تقدم علم الإحصاءات أن أتاح الفرصة أمام الدراسات السكانية للإفادة من طرقه وأساليبه في عرض البيانات السكانية في رسوم بيانية وأشكال يمكن الانتفاع بها في رسم وتنفيذ الخطط الاجتماعية ، وأدى التقدم الذى طرأ على علوم البيولوجيا إلى توفير كثير من الحقائق التي أفأدت الدراسة العلمية للسكان ، كما أدى التقدم في العلوم التي تهتم بتحسين مستوى الخدمات الاجتماعية والثقافية الذي جعل من السهل على الدراسة السكانية العلمية أن تخطوا خطواتها نحو صياغة مفاهيم . حديثة للسكان كان لتزايد المحاولات العلمية الجادة في دراسة السكان، دوراً في فهم وتفسير هذه الظواهر وكان ذلك في القرن الثامن عشر كما ساهم ظهور مؤلف توماس مالتوس( مقالة) في السكان إلى زيادة الاهتمام بالظاهرة السكانية ، حيث يعتبر مالتوس أبا للدراسة العليمة للسكان لأنه استطاع إن يجعل اسمه مرادفاً لهذه الدراسة لأن دراسته تعد في نظر الكثيرين بمثابة ثورة في موضوع السكان ولازالت تجدب الأنظار حتى في الوقت الحاضر لما تنطوي عليه من مسحة تشاؤمية الأمر الذى جعل عدد كبير من المهتمين بالمسائل السكانية يسعون إلى دحض أراء ودراسات مالتوس.
لما كان السكان هم العنصر الفعال في أي مجتمع فإن العلاقة متبادلة بين السكان والبناء الاجتماعي ، أي مجتمع من المجتمعات وفي أي زمن من الأزمان يخضعون للعرف ولقانون والنظم الاجتماعية التغير الاجتماعي الذي يسرى في المجتمع العادات والنظم نجمت من تفاعل الأفراد بعضهم مع بعض. كما أن الظواهر السكانية التي تعمل على حركة السكان من مواليد ووفيات وهجرة تتم في إطار اجتماعي. ويمارس البناء الاجتماعي وأنساقه النوعية تأثيرات فعالة في حركة السكان من نمو وهجرة ومن توزيع السكان على أجزاء المجتمع وفقاً لظروف اقتصادية وطبيعية معينة وفي تحدد الحرف والنشاط الاقتصادي ولسكان بدورهم يؤثرون بصفة مباشرة على اتجاهات تغير المجتمع و يتضح ذلك من خلال أن العنصر البشرى له دوره في تشكيل الأنماط الاجتماعية وفي النواحي المورفولوجية(1) ويعتمد التغير الاجتماعي على التغيرات التي تحدث في العنصر البشرى ، من حيث الخصائص السكانية ، وتعد تغير السكان بالزيادة في مجتمع ما من أهم العوامل التي تؤدى إلى تقدمه وازدياد نفوذه السياسي في المحيط الدولي وتفوق قوته الإنتاجية ، وزيادة قدرته الحربية ولا سيما إذا كانت هذه الكثرة مصحوبة بنمو متعادل في موارد المعيشة ، فحاله السكان وكثافتهم تؤثر في الموارد الطبيعية وفي المظهر الحضاري للمجتمع ، فضلاً أن السكان هم الذين يلعبون الدور الأساسي في عملية التدرج والحراك الاجتماعي الذى يؤدى إلى سلسلة من التغيرات في نظم العلاقات المتبادلة بين الأفراد والفئات والجماعات نتيجة لما يرتكز عليه التنظيم الاجتماعي من فعالية العمليات الاجتماعية المتشابكة بالإضافة إلى أن هناك تفاعلاً مستمراً بين الإنسان والبيئة ، التي لها أثارها الملموسة على كثافة السكان وعلى أماكن الصناعات وأنواعها وعلى مواقع المدن وغيرها من النتائج والتغيرات التي تطرأ على المجتمع نتيجة لهذه القوه كما أن العنصر البشرى في المجتمع هم واضعوا التراث الثقافي والأيديولوجي في المجتمع فالإنسان هو الذى ابتكر الأساليب التكنولوجية التي من شأنها إشباع حاجات الأفراد والتي أدت بدورها إلى إحداث تغيرات اجتماعية عديدة …. فالثقافة في المجتمع تتأثر دائماً بحجم المجتمع وتكوينه وتوزيع سكانه وبالتالي تؤثر على اتجاهات السكان بما تحمله من قيم وأيديولوجيات تؤثر بدورها في عملية الإنجاب ، كما أن التقدم التكنولوجي وهو العنصر المكمل ، للثقافة أدى إلى انتقال هجرة بعض الظواهر الاجتماعية وانتقالها من مجتمع لأخر مما كان له أثره في كثير من التغيرات في المجتمعات الإنسانية ، وأجمالي القول أن السكان يؤثرون على كافة النظم الاجتماعية عن طريق التأثير في مجرى التغيرات الاجتماعية في التعليم الاقتصاد ، البيئة والسياسة، وبناء السلطة والقوة(1)
ويشتمل تكوين السكان على عناصر العمر والنوع والمهنة والجنس واللون ومكان الإقامة والتعليم والزواج ، وتحسن الظروف الصحية وغيرها من المتغيرات التي لها مدلولاتها مهمة في زيادة أو بنقصان السكان حيث تشير معظم الدراسات المهتمة بتنظيم الأسرة إلى أن استعمال وسائل منع الحمل يعتبر أحد العناصر الأساسية التي تساهم في تنظيم الأسرة وتحديد عدد الأطفال لكل أسرة داخل المجتمع . وعلى الرغم من عدم وجود معلومات دقيقة وإحصائيات رسمية من الأشخاص الذين يقومون بتنظيم الأسرة في المجتمعات النامية . ألانه يلاحظ أن نسبة كبيرة من النساء والرجال خاصة الفئات المثقفة يقومون بتنظيم أسرهم وتحديد الأطفال الذين يرغبون في إنجابهم بوسائلهم الخاصة أما بالنسبة لسكان الدول المتقدمة فإن هناك دراسات علمية وإحصائيات رسمية توضح أساليب تنظيم الأسرة المختلفة وتبين تأثير وسائل منع الحمل على عدد
أفراد الأسرة . فقد أوضحت بعض الدراسات التي أجريت في أمريكا منذ عام 1939 أن وسائل منع الحمل تعمل على تخفيض المواليد في المجتمع الأمريكي بنسب متفاوتة وذلك حسب الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة . وقد كانت هذه النتائج واضحة بشكل كبير بين النساء من طبقات الغنية ، حيث أو ضحت هذه الدراسات أن 84% من هذه الطبقة كانت تستعمل إحدى وسائل تنظيم النسل بينما كانت هذه النسبة بين النساء في الطبقة الوسطى تصل إلى حوإلى55% أما بالنسبة إلى النساء في الطبقة الفقيرة ، فأن استعمال تنظيم الأسرة محدود ، حيث أنه لم يتجاوز 24% من النساء المهمات إلى هذه الطبقة ، وهذا يعنى أن وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة يتأثر بالطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها المرأة.(1) ومن المعروف أن وسائل منع الحمل تتأثر إلى حد كبير بالمستوى التعليمي للزوجين وخاصة المرأة ، كما تتأثر أيضا بالمستوى الاقتصادي للأسرة ،وعمل المرأة خارج البيت وتشير معظم الدراسات المتاحة أن استعمال موانع الحمل تنتشر بصورة مكثفة لدى النساء المتعلمات والطبقات العليا من المجتمع والنساء و المقيمات في المناطق الحضرية ، حيث أن هذه العوامل لا تشجع على كثرة الأطفال ، أما النساء غير المتعلمات أو أنصاف المتعلمات والفقيرات وغير العاملات والمقيمات في المناطق الريفية فأنهن لا يعولن كثير على استعمال وسائل منع الحمل ، ضف إلى ذلك تأثير البيئة الاجتماعية والتركيب الاجتماعي لأفراد المجتمع موضوع البحث، حيث أن الثقافة التقليدية تشجع على كثرة الأطفال ‘نظراً للقيمة الاجتماعية والمعنوية والاقتصادية للأسرة الكبيرة وقد أوضحت بعض الدراسات والاتجاهات النظرية ذلك.
أن المتغيرات الديمغرافية والثقافية لها تأثير مباشر على النمو السكاني بالزيادة أو النقصان ، حيث تلعب هذه المتغيرات دوراً بارزاً في عملية النمو السكاني حيث يكون للتشابكات المتعددة التي تتداخل بها العوامل الديمغرافية والثقافية في عملية النمو السكاني أثر جوهري مضاعف على النمو السكاني من خلال التأثير المزدوج على كل من المواليد والوفيات والهجرة. أن أثر النمو السكاني يتباين بتباين السبب فيما كان انخفاض معدل الخصوبة أم ارتفاع معدلات الوفاة ،حيث أثبتت دراسات التنمية أن هذا التأثير ليس ثابتاً أو نمطياً، وإنما تتوقف على طبيعة السياسات المتبعة ومدى نجاحها في الاستغلال الكفوء للنمو السكاني.(1)
الفرضية العامة:
وينطلق هذا البحث من فرضية عامة مفادها .أن الإطار العام الذى سعت الاتجاهات النظرية المفسرة لتأثير العوامل الديمغرافية الاجتماعية والثقافية على النمو السكاني ، إلى إثباته في حدود الأخذ بالأساليب الحديثة في تنظيم الأسرة يصب في أن الثقافة التقليدية تشجع على كثرة الأطفال نظراً للقيمة الاجتماعية والمعنوية والاقتصادية للأسرة الكبيرة ، بينما تشير الحداثة إلى الأخذ بالأساليب الحديثة في الأسرة لتنظيم النسل ، حيث يختلف الإنسان الحديث عن الإنسان البكري في مدى استخدامه لهذه الأساليب ، واذا كان الأمر كذلك فما مدى تأثير الحداثة على الوضع العام للسكان في المجتمع مستقبلاً خاصة في وضعية المجتمع الليبي الذى يمتاز بعدة عوامل تسير في اتجاه عكسي لمعدلات تزايد المواليد ومنها عدم الأخذ بالأساليب الحديثة فيما يتعلق بتنظيم الأسرة. وقد يؤدى تزايد معدلات حوادث المرور وما ينجم عنها من وفيات تناقص النمو السكاني إلى جانب تزايد معدلات تعاطى المخدرات والأمراض الاجتماعية المترتبة على هذا التعاطي إلى إنقاص معدل النمو السكاني حيث بلغ العدد الإجمالي حالياً 12 ألف لحالة السكان ومن الجدير بالذكر أن تعاطى المخدرات يؤثر على الخصوبة ، كما يؤدى إلى ضعف العلاقات والروابط الاجتماعية وسيطرة حفيظ الرقابة الاجتماعية. ويشير ملخص نظرية الحداثة بأن المجتمعات التقليدية لم تقف بعد على أعتاب الحداثة بالرغم من أن جل المجتمعات تجاوزت مرحلة ما بعد الحداثة (العولمة أو المعاصرة) وباختصار يمكن القول ،بأن هناك اتجاهين يسير الأول مع متطلبات مرحلة التغير الاجتماعي التي تتفق مع معطيات المجتمع المعاصر والاتجاه الثاني هو الاتجاه التقليدي الرافض لحركة التغير وما تفرضه من معطيات تتفق مع معطيات منهج الحياة الحديثة .
تعتبر الخصوبة من أهم العوامل المؤثرة على النمو السكاني إلى جانب الوفيات والهجرة ، ولذلك فأن ارتفاع معدل النمو السكاني سواء كان مرتفعاً أو منخفضاً ينسب إلى النمو السكاني المتأثر بمعدلات الخصوبة العالية أو المنخفضة . ولما كانت ليبيا تصنف من البلدان الأقل نموا حسب تصنيف تقرير التنمية البشرية (2005.H.D.R) وهي بذلك تواجه تحديات في الجوانب التنموية ، حيث يعد هذا النمو المنخفض للسكان أحد أهم التحديات التي تواجه جهود التنمية ، وذلك طبقاً لنتائج التعداد العام للسكان 1973 والإحصاءات الحيوية (1975)، حيث سجل معدل النمو السنوي للسكان زيادة طفيفة، وتنسب هذه الزيادة إلى الانخفاض في ومعدلات الوفيات والارتفاع في معدل المواليد الخام . فطبقا ًللمؤشرات الحيوية لعام ( 2005 مسيحي) فقد ارتفع معدل المواليد الخام عن (23.2) في الآلف (2005) إلى (23.3) في الألف (2007) وانخفض معدل الوفيات إلى (3.4) في الألف.(1) لا شك أن ارتفاع وانخفاض هذه المعدلات له علاقة بجملة من العوامل الديمغرافية والثقافية . ولما كانت القضية السكانية في ليبيا من القضايا المهمة التي يجب الوقوف عندها بجدية على كافة المستويات الرسمية والشعبية لما لهذه القضية من انعكاسات مهمة على نمو السكاني فأن موضوع البحث ينحصر أساسا في محاولة التعرف على طبيعة هذه المتغيرات الديمغرافية والثقافية وتأثيراتها المختلفة على النمو السكاني لان الفهم الجيد للظواهر السكانية يتيح الفرصة لتفهم القوى الكامنة في المجتمع.
و تعتبر الهجرة وهى عملية انتقال لفرد أو جماعة من منطقة اعتادوا على الإقامة فيها إلى منطقة داخل حدود البلد أو خارجها ، وقد تتم بناء على إرادة الفرد أو باضطراره على ذلك ولهدف خطط المجتمع وقد يكون الانتقال على نحو دائم أو مؤقت ، وتصنف الهجرة حسب المكان إلى هجرة داخلة وهجرة خارجية ولعل هذه الأخيرة تعد من أخطر الأنواع التي تؤثر تأثيراً مباشرا في تركيب السكان وتصنف أسبابها إلى عوامل الطرد وعوامل الجذب لم تذكر حيث أن عوامل الطرد البسيطة وهى الفقر و الاضطهاد والعزلة الاجتماعية، كما أن عوامل الطرد الصعبة تكمن في المجاعات والحروب والكوارث البيئية ، ويمكن أن تكون عوامل الطرد عوامل بنائية مثل النمو السكاني السريع وأثره في عمليات التنافس على الغذاء والموارد الأخرى ، كما أن الحرب عادة تنشب بسبب مجموعة عوامل ويحتمل أن يكون الفقر اكبر عامل يقف خلف تدفق تيارات الهجرة الحالية وفي المستقبل وغالباً ما كانت مناقشة الكوارث البيئة سبب يقف خلف تيارات الهجرة الكبرى والتفرقة بين عوامل الجذب والطرد عادة غير واضحة ، فالثروة يمكن أن تشمل عاملاً من عوامل الجذب في مجتمع ما وتجذب المهاجرين من البلاد الفقيرة غير أن هذا العامل يمكن وصفة أيضا على أنه عامل من عوامل الطرد كنقص الثروة في بلاد وأخرى . وتؤثر الهجرة الدولية على التركيب السكاني من حيث العمر والنوع وبالتالي من حيث الخصوبة والزواج ، إذ أنه غالباً ما يكون المهاجرين من الذكور الأمر الذى تزداد معه هذه النسبة في البلاد المستقبلة وتنخفض في البلاد المرسلة للمهاجرين ، كما تؤثر الهجرة من ناحية ثالثة في تركيب السكان ، من حيث الجنس والعنصر ويتضح ذلك في البلاد المستقبلة للمهاجرين مثل جنوب أفريقيا وفلسطين، حيث أدت الهجرات الدولية إلى زيادة الاختلاف بين السكان من حيث الجنس والعنصر وإلى عدم التجانس الاجتماعي بينهم مما ترتب علية ظهور مشكلات التفرقة العنصرية ، وقيام الحروب في بعض الأحيان كما هو الحال بالنسبة للكيان الإسرائيلي في فلسطين.(1)
وتعد الوفيات أيضاً عنصراً هاماً من عناصر تغير السكان ،حيث تفوق في أثرها عامل الهجرة وأن كانت الخصوبة تسبقها في ذلك ، كما أنها تتناقض مع الخصوبة في أنها أكثر ثباتاً ويمكن التحكم في مستواها ، ولا يبدو أثرها في تغير حجم السكان فقط بل وفي تركيبهم كذلك ، خاصة التركيب العمرى ، حيث ترتبط الوفيات دائما بمستوى احد الحياة ، وقد شهدت معظم دول العالم انخفاضا في مستوى الوفاة بين سكانها في السنوات الأخيرة ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى تقدم الطبي بينما على العكس من ذلك فأن معدل الوفيات في المجتمع الليبي قد تزايد في السنوات الأخيرة ولعل السبب الرئيسي يرجع إلى تزايد حوادث المرور وتعد المواليد والوفيات من المؤشرات الهامة للخصوبة . وقد أوضحت بعض الدراسات المهتمة بهذا الموضوع أن العدد الذي تنجبه المرأة في الدول النامية كان أكثر من العدد المرغوب فيه بسبب عدم وجود الضوابط والأساليب العلمية المتبعة في تنظيم النسل . وبالرغم من قلة عدد السكان في المجتمع الليبي يلاحظ بأن السكان لديهم اتجاهاً واضحاً ورغبة صادقة في تنظيم الأسرة وهو ما يؤدى بهذه إلى انخفاض معدل الخصوبة من خلال البرامج التي تتبعها الأسرة بالرغم من تحسن الوضع الاقتصادي والثقافي والتعليمي في المجتمع ، وتبين وجود علاقة عكسية بين معدل الخصوبة وتحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية ، حيث أن مثل هذه العوامل شجع الكثير من النساء على الاقتناع باستعمال وسائل منع الحمل ولاكتفاء بعدد محدود من الأطفال . وفي دراسة أجريت لمعرفة فاعلية برامج تنظيم الأسرة في مصر أوضحت دراسة ميدانية لمعرفة التغير في الفترة ما بين 1980 1991 أن هناك انخفاض واضحاً في الإنجاب بلغ 21% خلال هذه الفترة ، حيث كان عدد الولادات لكل امرأة في مصر 5.2 ولادة عام 1980 فانخفض إلى 4.1 ولادة لكل امرأة 1991، كما أن معدل استعمال موانع الحمل قد زاد بنسبة 100% خلال نفس السنة.(1)
العوامل المؤثرة في الخصوبة
يعتبر اختلاف الفترة الزمنية التي يعيش فيها المجتمع وثقافة وقيماً للأطفال ومكان الإقامة في الريف أو الحضر وتأخر الزواج والوضع الاقتصادي والطبقة الاجتماعية والمهنة وغيرها من العوامل الأخرى ذات العلاقة بالزواج والخصوبة كما تتحكم في عدد الأطفال أيضاً ثقافة الزوجين والمعايير الدينية التي تنظم الزواج وتعدد الزوجات والطلاق وسياسة الأسرة بخصوص تنظيم الأسرة وعمل المرأة خارج البيت ومستواها التعليمي والحاجة إلى الأطفال كقوة عاملة والظروف الصحية للزوجين سيتم تناول هذه الجوانب بشيء من التفصيل كما يلي :
الفروق الريفية الحضرية :
أظهرت معظم الدراسات الميدانية أن الخصوبة تتأثر بالموقع الجغرافي ، ويلاحظ تزايد معدل الخصوبة في الريف عنه في المدن بين النساء المتزوجات فوق سن 35 سنة وهي بذلك تتأثر بالمستوى الثقافي والمهني والقيم الاجتماعية التي تختلف من الريف إلى الحضر
المستوى التعليمي للمرأة :
أوضحت كثير من الدراسات أن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع الخصوبة والمستوى التعليمي للأم ، حيث تؤكد اغلب الدراسات أن معدل الخصوبة بالنسبة للجامعيات يعتبر أقل من غيرهن من النساء الأخريات في سن الزواج ، كما تتأثر أيضاً بثقافة المجتمع وعدد مرات الزواج واستعمال موانع الحمل . كذلك فأن التعليم يؤثر بشكل خاص من خلال فرص العمل التي يفتحها أمام المتعلم ، كما أنه يؤثر على بقية العوامل المؤثرة بالإسراع بخفض النمو السكاني . كما يجعل التعليم المجتمع أكثر استعداد وتقبلاُ للتثقيف(1)
السلوك الإنجابي:
وهو يشمل السن المفضلة للزواج والعدد المفضل من الأطفال والفترة الزمنية بين الطفلين ، وحجم الأسرة وعدد مرات الزواج ، وتعدد الزوجات والطلاق والاتجاه . نحو تنظيم الأسرة ومن المعروف أن السلوك الإنجابي يتأثر بثقافة المجتمع والمستوى التعليمي ومكان الإقامة والمهنة والبناء الاجتماعي والطبقة الاجتماعية التي ينتمي أليها الشخص.
الطبقة الاجتماعية:
تؤثر الطبقة الاجتماعية تأثيراً على الخصوبة ، حيث أثبتت معظم الدراسات العلمية أن الطبقات الدنيا تشتهر بكثرة الخصوبة ، بينما تشتهر الطبقات العليا بقلة الخصوبة ، حيث تشتهر الطبقات بارتفاع المستوى التعليمي ، وخروج المرأة للعمل أو للنادي أو للسياحة داخل أو خارج الدولة وبالتالي فهي لا ترغب في كثرة عدد الأطفال ، كما تشتهر هذه الطبقة بتأجيل فترة الزواج إلى سن متأخرة وكل هذا يساعد على الإقلال من الخصوبة داخل الطبقة الاجتماعية العليا.(1)
القيم الاجتماعية :
تؤثر القيم الاجتماعية على العدد المرغوب من الأطفال ، ففي المجتمعات التي ويغلب عليها الطابع الريفي نجد أن القيم الاجتماعية تؤكد على ضرورة وجود الأسرة الممتدة وكثرة الأطفال نظراً للفائدة الكبيرة لهم من الناحية الاقتصادية حيث يستخدمون كقوة عاملة مجانية للعمل في المزارع أو الرعي وتوجد هذه المعايير في أغلب الدول النامية.(2) ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع معدل الخصوبة أو زيادة المواليد يرتفع بسبب الزواج المبكر أو الاجتهاد في إنجاب عدد كبير من الأطفال كما أن معدل الخصوبة ينخفض في حالة تأخر الزواج أو الامتناع عنه لبعض الظروف الاجتماعية والاقتصادية أو للقناعات الدينية وبالتالي فإن القيم الاجتماعية المتعلقة بتحديد وقت الزواج سواء كان مبكرا أو متأخر يؤثر بدوره علي معدلات الخصوبة.
عمل المرأة:
تشير معظم الدراسات السكانية أن هناك علاقة عكسية بين عمل المرأة ومعدل الخصوبة حيث يلاحظ أن اغلب الموظفات ينجبن في الغالب عدداً قليلاً من الأطفال ، ولعل هذا السلوك يتأثر بثقافة المجتمع والمعايير الاجتماعية المعمول بها في ذلك المجتمع ، حيث ترغب المرأة العاملة في قلة الأطفال حتى لا يشغلوها عن العمل الذي تعتبره يحقق لها جزء من مكانتها الاجتماعية ودورها في المشاركة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة . أن مشاركة المرأة في القوى العاملة النشطة اقتصادياً، يؤدى إلى تخفيض معدل الخصوبة في هذا المجتمع عن طريق التقليل من عدد الولادات أو تأجيل الزواج أو الأنجاب ويتضح مما تقدم أن عمل المرأة خاصة خارج البيت ، ودخولها مجال الإنتاج المباشر بشكل أساسي لتكون قوة نشيطة من شأنه أي يؤدى إلى :
- اكتساب المرأة مكانة جديدة في المجتمع
- ارتفاع دخل الأسرة
- تقليل نسبة الخوف الذي تعيشه المرأة عندما يسيطر عليها شبح الطلاق أو تعدد الزوجات ، ويزيد من شعورها بالأمن على مستقبلها.
- تغير النمو الاقتصادي للأسرة من الاتجاه نحو الإنجاب الزايد وبذلك ينشأ عن عمالة المرأة تناقص بين نقيضات إمكانيتها الجديدة كامرأة عاملة ورفاهيتها وبين الإنجاب الزائد.
لقراءة الدراسة كاملة:
لمحة تاريخية عن أهمية الدراسات السكانية
المراجع:
عبد الله عطوي، الأنسان والبيئة في المجمعات البدائية والنامية والمتطورة مؤسسة عزالدين للطباعة والنشر ، لبنان، ط الأول 1993،ص 25
سلوى عثمان الصديقى ، الأسرة والسكان ، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 2003 صـ 244
سلوى عثمان الصديقى ، مرجع سبق ذكره ،ص 244
محجوب عطية الفاندى ، أساسيات علم السكان ، منشورات الجامعة المفتوحة طرابلس ، 1997
نوال شيتوى ، دراسة محددات الخصوبة في تونس ، بحوث المؤتمر العربي الأول لصحة الأسرة والسكان القاهرة 2006 , ص 11
الكتاب الإحصائي ، 2007 ، الهيئة العامة للمعلومات، نشره سنوية تصدر عن الهيئة العامة للتوثيق والمعلومات ، ص 52
سميرة أحمد، علم اجتماع السكان، الجامعة المغاربية، 2007.ص 30
محجوب عطية الفاندى ، مرجع سبق ذكره ، ص 188
سلوى عثمان الصديقى ن مرجع سبق ذكره ص 336.
محجوب عطية الفاندى ، مرجع سبق ذكره ، ص 192