مقالات وآراء

مواجهة الصدمات: النهوض بعد السقوط

الدبلوم المتكامل في الصحة النفسية

امرأة شابة، كانت ذات يوم ضحية لحادث سيارة، بعد أن تعافت، تقف الآن على الطريق، مستعدة للقيادة مرة أخرى. على الرغم من الذكريات المؤلمة المرتبطة بالقيادة، فإنها تأخذ نفسا عميقا، وتخطو إلى سيارتها، وتبدأ رحلتها!

هذه القصة ليست فريدة من نوعها. إنها من بين عدد لا يحصى من حكايات الأفراد الذين في مواجهة الصدمة عادوا مرة أخرى بقوة، غالبا ما تدهشهم، بل وتدهش الآخرين، اليوم، نتعمق في الأسس النفسية للصدمة والمرونة.

الصدمة

الصدمة هي تجربة مؤلمة للغاية أو مزعجة، يمكن أن يكون لها تأثير دائم على حياة الشخص. يمكن أن تكون ناتجة عن مجموعة متنوعة من الأحداث، مثل الكوارث الطبيعية، أو الحروب، أو الحوادث، أو العنف بين الأشخاص.

في حين أن كل شخص يعاني من الصدمة بشكل مختلف، فإن بعض الأعراض الشائعة تشمل ذكريات الماضي، والكوابيس، والقلق، والاكتئاب، وصعوبة الثقة بالآخرين.

الصدمة أيضاً هي استجابة عاطفية لحدث محزن أو مزعج للغاية يطغى على قدرة الفرد على التأقلم، يمكن أن يؤدي إلى مشاعر العجز، مما يقلل من إحساسهم بالذات وقدرتهم على الشعور بمجموعة كاملة من المشاعر.

يمكن أن تنتج الصدمة عن أحداث مختلفة، بما في ذلك الإصابة الجسدية أو العلاقات المسيئة أو التغيرات الكبيرة في الحياة، وقد يكون التأثير عميقاً وطويل الأمد، مما يؤثر على الأداء المعرفي والبيولوجي والاجتماعي للشخص.

المرونة

تمثل المرونة القدرة على التعافي من التجارب الصعبة، وهو مفهوم معقد يتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل، مثل الوراثة والشخصية ومهارات التأقلم.

وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي يمكن أن تسببها الصدمات، إلا أن البشر لديهم قدرة لا تصدق على المرونة – إذ أن المرونة تمنح الأفراد القوة لمعالجة المشاكل والتغلب على الشدائد والمضي قدما في حياتهم.

المرونة وعلم النفس

في مجال علم النفس، المرونة ليست قدرة نادرة، في الواقع، وجد أنها شائعة جدا ويمكن تنميتها لدى أي شخص، لتصبح مهارة أساسية في التغلب على التجارب المؤلمة.

المرونة ليست مجرد سمة شخصية يمتلكها الناس أو لا يمتلكونها، إنها تتضمن السلوكيات والأفكار والإجراءات التي يمكن لأي شخص تعلمها وتطويرها، حيث تشمل المكونات الرئيسية للمرونة العلاقات الإيجابية والوعي الذاتي والرعاية الذاتية وآليات التكيف الإيجابية.

وبناء المرونة هو عملية ديناميكية، يمكن أن تتغير مرونة الشخص بمرور الوقت، ويمكن تعزيزها بجهود وممارسات محددة، علاوة على ذلك، يمكن أن تسهم البيئة الداعمة المليئة بالعلاقات الإيجابية بشكل كبير في تعزيز المرونة.

تنمية المرونة

ومع ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكن لأي شخص القيام بها لزيادة مرونته، مثل:

–  بناء علاقات اجتماعية قوية، يمكن أن يوفر لك وجود شبكة دعم قوية من العائلة والأصدقاء الراحة والدعم اللذين تشتد الحاجة إليهما في الأوقات الصعبة.

– ممارسة الرعاية الذاتية، العناية بصحتك الجسدية والعقلية ضرورية للقدرة على التكيف. وهذا يشمل اتباع نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كاف من النوم، وممارسة الرياضة بانتظام.

– تعلم مهارات التأقلم، هناك مجموعة متنوعة من مهارات التأقلم التي يمكن أن تساعدك على إدارة المشاعر والأفكار الصعبة، تتضمن بعض الأمثلة تقنيات الاسترخاء واليقظة والعلاج السلوكي المعرفي.

شفاء الصدمة وتعزيز المرونة

عادة ما يتضمن علاج الصدمة العلاج، بما في ذلك العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، يمكن أن تساعد هذا العلاج الأفراد على معالجة صدمتهم وتطوير آليات التكيف.

في الوقت نفسه، يمكن أن يكون تعزيز المرونة جزءا لا يتجزأ من الشفاء من الصدمة، يمكن أن يساهم الانخراط في ممارسات الذهن، ورعاية العلاقات الإيجابية، وطلب المساعدة المهنية عند الحاجة، في المرونة.

العلاقة بين الصدمة والقدرة على الصمود

الصدمة، والمرونة، وجهان لعملة، واحدة. في حين أن الصدمة يمكن أن تكون تجربة مدمرة، إلا أنها قد تكون أيضًا فرصة للنمو والقوة. في الواقع، يعيش العديد من الأشخاص الذين عانوا من الصدمة حياة سعيدة ومرضية.

الرحلة من الصدمة إلى المرونة هي شهادة على قوة الروح البشرية، حتى في أحلك الأوقات، تظهر قدرتنا على التعافي واستعادة الإرادة قوتنا الفطرية وقدرتنا على التكيف، يؤكد استكشاف الصدمة والمرونة على أهمية الصحة العقلية وإمكانية الشفاء والنمو، حتى وسط الشدائد.

يتيح لنا فهم سيكولوجية الصدمة والمرونة دعم أولئك الذين يعانون من الصدمة بشكل أفضل ويعزز فكرة أنه من الممكن استعادة حياة المرء بعد حدث صادم، لذلك دعونا نتبنى قدرتنا على التعافي، لأنه في مواجهة الشدائد غالبا ما نجد أعظم نقاط قوتنا.

وهذه حقيقة اسمعها ورددها واعمل بها ” يمكن أن تكون الصدمة تجربة صعبة، ولكن ليس من المستحيل التغلب عليها. مع الوقت والدعم والجهد، يمكنك بناء المرونة والشفاء من الصدمات”.

استمروا في التطوّر والتحسين!

 

من قصص نجاح المشاركين في دوراتنا

د. محمود الراشد

أخصائي في مجال التقييم النفسي والتنبؤ، خبرة في التحليل النفسي لرسومات الأطفال واكتشاف ميولهم وطموحاتهم. قدم الدكتور محمود العديد من الدورات والورش التدريبية التي استهدفت الأخصائيين والمربين، واشتهر بقدرته على تحويل المعرفة العلمية إلى أدوات تطبيقية. يشغل الدكتور محمود منصب المدير العام المؤسس للأكاديمية الدولية للإنجاز، وهي مؤسسة تدريبية متخصصة في ماليزيا. بالإضافة إلى ذلك، فهو: عضو فاعل في رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية (رانم) وعضو جمعية علم النفس الأمريكية (APA). عضو قسم المحللين السلوكيين في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) A member of the Behavior Analyst Division in American Psychological Association (APA)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
×