تعتبر القيم من أهم الدوافع التي توجه السلوك الإنساني، وبعيداً عن التعقيدات في المفاهيم، نعرض هنا أسهل تعريف في مفهوم القيم، فالقيم تحقق توافق مع إشباع إحتياجاته الاجتماعية والنفسية والبيولوجية، وتسهم في تشكيل فلسفة ومعنى الحياة بالنسبة له، “فتكيّف الفرد في مهنته ودراسته وعمله لا يكون إلا إذا توافقت مع قيمه التي نشأ وتربى عليها ويعمل على تحقيقها”.
ويمكن القول إن “القيم السائدة لدى أي فرد أو جماعة من الجماعات ثمثل نوعاً من المحددات والضغوط الاجتماعية التي تؤثر في سلوك أفراد هذه الجماعة تأثيراً مباشراً”[1] .
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المتغيرات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية فإنه يستوجب الاهتمام بالقيم الاجتماعية والأخلاقية لكي يتحقق للفرد التوافق النفسي والإجتماعي ليكون نموذجاً عملياً يجمع بين الثوابت والمتغيرات وبين القيم والعادات والتقاليد الأصيلة والأفكار الحديثة الإيجابية منها.
إن سلامة الفرد والمجتمع معاً مرتبط بقوة البناء القيمي الذي يكون سمة مميز للتربية والتنشئة المجتمعية، فهذه القيم تشكل شخصية الفرد الصالح الفعال فعالية إيجابية في المجتمع.
وبناء القيم من خلال عملية التنشئة تمثل ذروتها في مرحلة الطفولة ثم المراهقة وهي المرحلتان الأهم رغم إستمرار بناء القيم في مختلف المراحل العمرية الأخرى، ويكون هنا الدور الأهم للأسرة، التي تعتبر البيئة الاجتماعية الأولى التي تبنى فيها الشخصية الاجتماعية لإشباع مختلف حاجات الفرد المادية منها والمعنوية بطريقة تساير فيها المعايير الاجتماعية والقيم الدينية والأخلاقية.
تعريف القيم
يُعد مفهوم القيمة من المفاهيم التي يتضمنها نوع من الغموض في استخدامها، إذ أنها لاقت اهتمام كثير من الباحثين في تخصصات مختلفة، ولهذا اختلف الباحثون في وضع تعريف محدد لها، وذلك “لتعدد المنطلقات النظرية التخصصية لهم ، فمنهم علماء الدين ، والنفس ، والاجتماع ، والاقتصاد ، واللغة، فلكل منهم مفهومه الخاص الذي يتفق مع تخصصه”[2] .
فالقيمة عند علماء الاجتماع هي “الاعتقاد بأن شيئاً ما ذا قدرة على إشباع رغبة إنسانية، وهي صفة للشيء تجعله ذا أهمية للفرد أو للجماعة ، وهي تكمن في العقل البشري وليست في الشيء الخارجي نفسه” [3] .
بينما يرى (عزيز حنا) أن القيم عبارة عن “تنظيمات تتعلق بالاختيار والفعل وهي مكتسبة من الظروف الاجتماعية” [4] .
وذهب مرعي إلى إعتبار أن “القيم عبارة عن تصورات من شأنها أن تفضي إلى سلوك تفضيلي، كما أنها تعتبر بمثابة معايير للاختيار من بين البدائل السلوكية المتاحة للفرد في موقف ما، ومن ثم فان احتضان الفرد لقيم ،معينة يعني توقع ممارسته لأنشطة سلوكية تتسق مع تلك القيم .” فالقيم محدد ومرشد للسلوك وهي التي توجه اختياراتنا من بين بدائل السلوك في المواقف المختلفة وتحدد لنا نوع السلوك المرغوب فيه في موقف ما توجد فيه عدة بدائل سلوكية كما يرى بأن التعدد في مجالات الحياة والسلوك يؤدي إلى تعدد في نظم القيم الموجهة لسلوك الفرد”[5] .
كما عُرِّفت القيم بأنها ” مجموعة من القوانين والمقاييس تنشأ في جماعةٍ ما ، ويتخذون منها معايير للحكم على الأعمال والأفعال المادية والمعنوية ، وتكون لها من القوة والتأثير على الجماعة بحيث يصبح لها صفة الإلزام والضرورة والعمومية ، وأي خروج عليها أو انحراف على اتجاهاتها يصبح خروجاً عن مبادئ الجماعة وأهدافها ومثلها العليا “[6].
وذهب Schaefer إلى إعتبار أن القيم هي “تلك المجموعة المختارة من المفاهيم لكل ما يعتبر جيد، ومرغوب ولائق، أو ماهو سئ وغير مرغوب، أو غير لائق في الثقافة.” فهي تشير إلى الأمر الذي يفضله الناس ويرونه هامًا في ثقافة معينة، وما يرونه صحيح أو غير صحيح أخلاقيًا” [7].
ومن هنا يمكن اعتبار أن القيم من المنظور الاجتماعي هي: ” باعتبار أن القيم هي كل شيء له دور في إشباع حاجات الفرد والمجتمع سواء كان هذا الشئ إجتماعي أو أخلاقي ومن ثم له وظيفة وأهمية فردية وإجتماعية”.
المراجع:
[1] الرشيد، حمد فالح، بعض العوامل المرتبطة بالقيم التربوية لدى طلاب كلية التربية بجامعة الكويت (دراسة ميدانية)، المجلة التربوية، مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت، 13-63، (2000)، الكويت.
[2] مرعي، توفيق وأحمد بلقيس، الميسر في علم النفس الإجتماعي، دار الفرقان للنشر والتوزيع، ص ص 216-217، 1984،الجزائر.
[3] طهطاوي، سيد أحمد . ” القيم التربوية في القصص القرآني “، دار الفكر العربي ط 1، ص 40 ،(1996)، مصر.
[4] الناشف، عبد الملك ” القيم وطرائق تعليمها وتعلمها ” ، عمان – الأردن : دائرة التربية والتعليم بوكالة الغوث، ص13، (1981)، الأردن .
[5] مرعي، توفيق وأحمد بلقيس، الميسر في علم النفس الإجتماعي، دار الفرقان للنشر والتوزيع، ص218، 1984، الجزائر.
[6] طهطاوي، سيد أحمد .. ” القيم التربوية في القصص القرآني “، مصر : دار الفكر العربي ط 1، ص 250، (1996)،مصر.
[7] Richared T, Schaefer and Robert P. Lamm, Sociology, Mcgraw – Hill, Inc, p 74, 1995, U.S.A.