علم النفس

نصائح عملية لمواجهة التنمر!

التنمر يمثل تهديدًا حقيقيًا لنفسية الفرد وشخصيته، ويمكن أن يترك جروحًا طويلة الأمد على أولئك الذين يواجهونه. بينما يدرك كثيرون أهمية التدخل عند شهود مواقف التنمر، الحقيقة هي أن الكثيرين يتوانون عن اتخاذ خطوة للأمام. الوقوف إلى جانب ضحية التنمر، في لحظة الحاجة أو بعدها، يمكن أن يكون فارقًا لا يقدر بثمن في نتائج تلك اللحظات المظلمة.

تبين الأبحاث أن التنمر ليس مجرد “مرحلة سلبية” يمر بها بعض الأطفال؛ إنه ينطوي على تأثيرات طويلة الأمد تندرج تحت مسمى “تجارب الطفولة السلبية”، مما يعرض الصحة العقلية والجسدية للخطر. وليس الأطفال وحدهم من يعانون؛ حتى في بيئات العمل، يمكن أن يتخذ التنمر أشكالًا مختلفة من المضايقات وسوء المعاملة. والإجماع واضح: يجب مواجهة التنمر أينما وجد. لكن الطريقة الأمثل لهذا قد تكون مفاجئة.

وهو لا يعكس فقط سلوك الفرد الجاني بل هو نتيجة لعملية جماعية تتضمن الجمهور الصامت كفاعل رئيسي. الصمت أو اللامبالاة من المتفرجين تعتبر بمثابة دعم ضمني للمتنمر، مما يعزز من سلوكهم الضار. ومع ذلك، يمكن أن يلعب هؤلاء المتفرجون دورًا محوريًا في التصدي للتنمر من خلال دعم الضحية أو حتى من خلال التعبير عن رفضهم للسلوك الضار في دوائرهم الاجتماعية.

لمواجهة التنمر بفعالية، يجب على المجتمعات المدرسية ومكان العمل تشجيع الجميع على اتخاذ موقف ضد التنمر ودعم الضحايا بطريقة فعالة. لا يتطلب الأمر دائمًا مواجهة مباشرة مع المتنمر؛ يمكن أن يتضمن دعم الضحية بشكل فردي وتعزيز ثقافة ترفض التنمر بكل أشكاله.

تعزيز مثل هذه البيئة الداعمة والمناهضة للتنمر يتطلب التزامًا جماعيًا وتحركًا شخصيًا. يمكن للأفعال البسيطة، مثل التحدث إلى الضحية وتقديم الدعم، أو حتى التعبير عن عدم القبول للتنمر في الأحاديث اليومية، أن تسهم في خلق بيئة تشعر فيها الضحايا بالأمان وتقلل من قوة المتنمرين.

وتؤكد الأبحاث أن الشباب يتأثرون بشكل كبير بأقرانهم ومواقفهم. لذا، عندما يتخذ الأقران موقفًا ضد التنمر، سواء من خلال التدخل المباشر أو دعم الضحية بعد الحادثة، يمكن أن يغيروا ديناميكية القوى السائدة ويحدوا من انتشار التنمر.

من المهم كذلك تنمية مهارات الاتصال والتعاطف لدى الأطفال والبالغين على حد سواء، لتمكينهم من التعبير عن مواقفهم ضد التنمر بشكل فعال ومسؤول. التعليم والتدريب على التعامل مع مواقف التنمر، وكيفية تقديم الدعم للضحايا، يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في تغيير الثقافة المحيطة بالتنمر.

وعلى مستوى الفرد إليك مجموعة من الخطوات الحاسمة والفارقة في مواجهة التنمر:

* لا تكن متفرّجًا سلبيًا: عبّر عن رفضك للتنمر بكلمةٍ طيّبةٍ أو لفتةٍ إيجابيةٍ تجاه الضحية.

* تواصل مع ضحية التنمر: قدّم له الدعمَ المعنويّ وكن صديقًا له.

* أخبر شخصًا بالغًا: المعلم، الوالد، أو أيّ شخصٍ موثوقٍ به ليتّخذ الإجراءات اللازمة.

* لا تنشر الشائعات: ساعد في نشر الوعي حول مخاطر التنمر بدلًا من تَوْسِيعِ نطاقِهِ.

في النهاية:

الوقاية من التنمر ومواجهته تتطلب مجهودًا جماعيًا يشمل الطلاب، الأهل، المعلمين، وجميع أعضاء المجتمع. بإنشاء بيئة داعمة وشاملة، حيث يشعر كل فرد بأنه مسموع ومحمي، نستطيع معًا إحداث تغيير إيجابي ومستدام يقضي على التنمر من جذوره.

إن الطريق نحو القضاء على التنمر يبدأ بخطوة واحدة، خطوة يمكن لكل واحد منا اتخاذها: أن نكون الصوت الذي لا يخاف من الوقوف في وجه الظلم وأن نكون الدرع الذي يحمي الضعفاء. عبر التعاطف والشجاعة والفعل، نبني معًا مجتمعًا أكثر أمانًا واحترامًا للجميع.

الخُلاصة:

* عبّر عن موقفك بوضوحٍ ورفضِكَ للسلوكِ الخاطئ.

* تكاتف مع باقي المتفرّجين لتكوين جبهةٍ ضدّ التنمر.

* بإمكاننا التعاون لخلق بيئةٍ آمنةٍ وداعمةٍ لأطفالنا.

معًا، نستطيعُ هزيمةَ التنمرِ وخلقِ جيلٍ أكثرَ سعادةً ونجاحًا.

د. محمود الراشد

الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للإنجاز / Ph.D.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى