يُعد ترتيب الأولويات الوسيلة الأهم في حياة المنجزين، إذ تذهب طاقاتهم وأوقاتهم وجهودهم إلى ما هو أهم قبل ما هو مهم أو لا جدوى منه سوى قتل الوقت والجهد وتحقق الخسارة، ولذا فهم يحصلون على إنجازات هائلة ونتائج مبهرة لهم ولغيرهم وذلك مع ممارسة إدارة الوقت بمهارة.
بداية فإن لكل إنسان تسعة جوانب في حياته، وأي خلل في جانب منها يؤدي إلى عدم توازن في حياته ككل، والجوانب التسعة هي ( الجانب الذاتي- الجانب الإجتماعي- الجانب الدراسي- الجانب المهني- الجانب المالي- الجانب الترفيهي- الجانب الصحي- الجانب الإيماني- الجانب الأسري)، وتختلف ترتيب الأولويات من شخص لأخر حسب أيّ هذه الجوانب تكون ذات أولوية عن أخرى، كما أن ترتيب الأولويات قد يختلف من مرحلة عمرية لمرحلة عمرية أخرى، فمثلاً الطالب في المرحلة الدراسية يعطي الجانب الدراسي أولوية عن جوانب أخرى قد تكون مهمة لموظف مقارنة بالدراسة.
كما أن إعطاء الحد الأدني لكل جانب من جوانب الشخصية يساعد الفرد على الحصول على قدر معقول من التوازن، وعلى مزيد من وفرة الوقت والجهد للجوانب التي تمثل له أولوية ما في وقت ما أو مرحلة عمرية معينة.
عوامل تهدر ترتيب الأولويات:
- التوتر والارتباك
- عدم استكمال عمل واحد لنهايته
- ضعف الثقة بالنفس وعدم اليقين بقدرتك على إنجاز شيء، يسبب لك إحباك في التفكير بترتيب الأولويات
- الغرق في الضغوط النفسية
- التقلب المستمر سواء في الحالة المزاجية أو في الاهتمامات أو ما يمكن تسميته “ضياع الهوية” وعدم معرفة ذاته وفهمها.
- استهلاك وقت طويل للغاية في العمل بما لا يستحقه هذا العمل من وقت وكذلك من جهد.
- الأفكار السلبية المقيدة لترتيب الأولويات، مثل (لا أثق فيما أفعله، يجب أن اسأل هل ما أفعله صواب؟، لا أعرف إتقان ترتيب الأولويات).
كيفية ترتيب الأولويات:
- اكتب كل المهام (الأهداف) في ورقة، ولا تنشغل بترتيب أهميتها أو مناقشتها وتحليلها.
- رتّب تلك المهام حسب (أهميتها- الزمن المطلوب- ما الذي يترتب منها على الأخر، بمعنى هناك مهام لا يمكن أن تبدأ بها لأنها متربط بضرورة تنفيذ مهام أخرى قبلها)
- حدد للمهمة الأولى خطوات تنفيذها ( ماذا تتطلب- إجراءاتها- وسائل تنفيذها- الوقت المناسب للبدء بها- زمن التنفيذ حتى إنجازها- الدعم الخارجي ومصادره- الميزانية المطلوبة إن وجدت)، ثم انتقل لمرحلة التنفيذ الفوري، ملتزماً بكل الضوابط السابقة.
- اعتاد أن تلتزم بما حددته من أولويات وكرق تنفيها، محافظاً على تركيزك الذهني والنفسي والسلوكي، دون أن تتشتت بالعوامل السبعة لهدر ترتيب الوقت، استفد من الأدوات التكنولوجية المتنوعة في ترتيب الأولويات.
- القدرة على التكيف، حيث يساعدك التكيف والمرونة على التعامل الصحيح مع الضغوط المستمرة والتي لا تنتهي، وتسهم في التصرف بسهولة تحت الضغوط دون أن يؤثر ذلك على اتخاذ القرار.
- الشغف، وهو عشق ما تعمل سواء في ترتيب الأولويات أو ما يترتب عليها
- المنافسة، إذ أن التنافس بين وبين الذات في أن تتغلب على الجانب السلبي فيها سواء كان الكسل أو التسويف أو غيره يعتبر مؤشر إيجابي على أن الجانب الإيجابي سيكون المنتصر في هذا التنافس.
قصة ملهمة أساسها ترتيب الأولويات:
كلنا سمعنا وشاهدنا ستيف جوبز مخترع عبقري مؤسس شركة أبل، لو لم تكن لديه أولويات استراتيجية منذ شبابه ولو لم يركّز عليها ويعطيها الجهد والوقت والصبر والمثابرة والتحدي والمتنافس، هل كان سينجز حلمه ويصل إلى هدفه؟
ففي الثمانينات وقع خلاف على السلطة وإدارة الشركة بينه وبين مجلس الإدارة، انتهى باستقالته من شركة أبل، لكن ظلت الأولويات حاضرة في ذهنه دون يأس أو إحباط أو تبريرات للكسل أو التراخي أو الهزيمة النفسية، ففي نفس العام من استقالته من أبل أسّس شركة أخرى سمّاها نكست حيث كانت هذه الشركة تعمل على تطوير منصّات الحواسيب في الأسواق التجاريّة والتعليم العالي. واشترى جوبز قسم رسوميّات الحاسوب في شركة لوكاس فيلم ، وغيّر اسم القسم إلى اسم للرسوم المتحرّكة، وظل يشغل منصب المدير التنفيذي لشركة بيكسار حتّى تمّت الصفقة مع شركة والت ديزني وانتقل بعدها لمنصب عضو في مجلس إدارة شركة والت ديزني، وفي عام 1996 م تمّ ضم شركة نكست لشركة أبل وعاد ستيف جوبز لمنصب المدير التنفيذي لها في عام 1997م، وبقي حتى آخر حياته.