لقد ترعرعنا على أن مساعدة الآخرين فضيلة، والعطاء فضيلة، وهكذا أنشأنا أهلونا، فمنذ صغرنا ونحن نهب للمساعدة على جميع الأصعدة وكان الزمان جميلا ونقيا وقتها، فمن تمد له يد العون، يرد لك بالعرفان والمودة.
لكن للأسف تغير الزمان ولم يعد بذلك النقاء والشفافية، وضحلت الأخلاق وبقي من تربى على فضيلة العطاء كما هو يعطي ويساعد ولكن لم يعد بداخله ذلك الإحساس بالرضى، فلم بعد هناك رد العرفان بل نكران وتجاهل.
لو تخيلنا مساعدة الآخرين والعطاء كمجرى ماء يصب في صحراء قاحلة لا زرع ولا شجر، لا بد أن يأتي يوم و ينضب، المساعدة والعطاء من جوانب قوة الشخصية ذات السخاء النفسي، ولكن أحيانا لا نستطيع أن نفصل بين حدود راحتنا ومصالحنا وراحة الآخرين، وتضيق دائرة حقوقنا في مقابل منح الآخرين رفاهية مد يد المساعدة وبالتالي تفسح رغبتنا في العطاء المجال لمن لا يستحقون ذلك، أو تزيد من رغبة الآخرين في الأخذ، ونصبح في دائرة مغلقة من الإرهاق والتعب ويصبح ما نعطيه حقا مكتسبا بدلا من عطاء ناتج عن رغبة حقيقية في المساعدة، وندخل مرحلة ما بعد الإرهاق وهي الإحباط فلم يكن هناك ما يغذي نهر العطاء حتى يستمر.
لذا وجب علينا حماية أنفسنا من الإستغلال والإستهلاك،ووجب علينا في هذا الزمان أن نتوقف عن مساعدة الآخرين ،ونتعرف على فضيلة الأنانية.
الحالات التي يجب أن تتوقف فيها عن مساعدة الآخرين:
1. توقف عن مساعدة الأشخاص الذين لا يستحقون مساعدتك
ليس من السهل دائمًا القيام بذلك. فقد نشأنا على أن مساعدة الناس هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، لذلك حان الوقت لإعادة تقييم هذا الاعتقاد. وهنا اليكم قاعدتين:
القاعدة 1: لا تقدم أبدًا أي شيء مجانًا، فمن عادة البشر بخس قيمة ما هو مجاني، ولم ولن يقدروا أن ما قدمته كان بدافع قيم أعلى من المال لأن ميزانهم غير ميزانك.
القاعدة 2: لا تنسى القاعدة 1 ، سيحاول الناس دائمًا استغلالك إذا سمحت لهم بذلك، ولن يسمح وقتك لمساعدة الجميع ، فقط ساعد الأشخاص الذين يستحقون مساعدتك، و دائماً تذكر أن أول شخص تحتاج إلى مساعدته هو نفسك.
واذا كانت مساعدة الناس تُشعرك بعدم الراحة أو الإنزعاج ، فلا تفعل ذلك ببساطة فلست مضطرا على ذلك، أحياناً عليك أن تكون أنانيًا وتضع نفسك ودائرة اقاربك الأولى قبل أي شخص آخر و أن تتجاهل ما يحثك المجتمع على القيام به.
2. توقف عن مساعدة الأشخاص الذين لا يقدرون ولم يطلبوا مساعدتك
نسمع دائما من يقول ؛ نقطة ضعفي هي أنني أحب مساعدة الناس، أنا أساعد الناس ، بغض النظر عن حقيقة أنهم طلبوا ذلك أم لا، لمجرد دافعي الداخلي للمساعدة واسعاد الآخرين، لكننا للأسف أصبحنا في زمان غير الزمان فلا تعرف أبدًا متى يمكن أن يؤذيك هذا النوع من الفلسفة، وقد تتحول في وقت قصير الى المثل القائل “خير تعمل شر تلقى” ، إن أسهل طريقة لتحويل صديقك إلى عدو هي تقديم النصائح التي لم يطلبوها و لا يريدون سماعها.
لا يجب أن تقدم النصيحة عندما لا يكون الناس مستعدين لتقبلها و سماعها ، أو قد يعودون يومًا ما ويلومونك عليها عندما لا ينجح الأمر معهم.لذا توقف عن مساعدة من لم يطلب مساعدتك و وفر وقتك الثمين لك ولأهلك.
3. توقف عن مساعدة الناس إذا لم تكن تستطيع تسخير جهدك و وقتك 100٪ لأجلهم و هذا هو الأكثر أهمية، إن تقديم المساعدة لشخص ما عندما لا تكون مستعدًا للمساعدة قد يؤدي الى نتائج عكسية تماماً، فلا تقبل القيام بأمر ما وانت غير مستعد أو عندما لا تكون لديك المهارات أو الوقت فلسوف تضر أكثر مما تنفع و ستصبح كالأعمى الذي يساعد شخصا على الرسم، في هذه الحالة لا تكن لطيفا ولا تساعد ولا تقدم مساعدة لا تستطيع تقديمها.
لذا ختاماً قد يكون من الجميل مساعدة شخص ما لمرة، ويمنحك هذا اللطف إحساسا جميلا بأنك موصول بمن حولك ولكن يمكن أن يغير العمل اللطيف العشوائي حياة شخص ما الى الأسوأ، أو يحول شعورك الجميل الى إحساس مدمر بالندم ،فكر قبل أن تمد يدك ،هل فعلا يستحق وهل لديك ما يحتاجه وهل تستطيع الإستمرار و أخيرا هل أنت فعلا مستعد نفسيا أن الشخص قد يدير لك ظهره ويكمل طريقه؟ فكر ثم قرر هل ستساعد أم لا.
1٬063 3 دقائق
السلام عليكم ورحمة الله
برأيي.. تختلف آراء الناس نتيجة لاختلاف ثقافاتهم المجتمعية ومعتقداتهم الإثنية وأساليب التربية، ومعرفتهم العلمية وقدراتهم على إعمال تلك المعرفة وتطبيقها على أرض الواقع، إضافة للخبرات المكتسبة من تجارب الحياة……..
لكن بالنهاية هنالك واقع حقيقي نعيشه، وللأسف أراه يبتعد أكثر فأكثر عن القيم والمبادئ والمثل التي تربينا عليها ونسعى لتطبيقها ونحاول بجهد أن نحافظ عليها.
كلّي يتفق مع الدكتورة آمنة في طرحها الواقعي الناتج عن خبراتها العلمية والعملية وتجاربها المعيشية المجتمعية، وأقتبس من كلام الدكتور محمود “هذا الطرح العميق والصريح” .
وبعضي يتفق أيضا” مع رأي الاستاذة فاطمة النابع من حرصها على تكريس قيمنا الأخلاقية وتنفيذ تعاليم ديننا الحنيف، وتفاؤلها بأن الخير موجود في أمتنا إلى يوم الدين.
لكن.. لابد لنا من الإعتراف صراحة” بأننا لا نعيش في مجتمع مثالي وبأن مدننا ليست فاضلة وبأن الكثير من الناس قد ابتعدوا عن فطرة الإيمان والحب والخير …
لذلك أرى أنه يجب أن نساعد من حولنا بحسب استطاعتنا ولكن علينا اختيار من يستحق المساعدة دونما إهدار لطاقاتنا بمختلف أشكالها الفكرية، النفسية، العاطفية، الجسدية أو المالية…..
تقبوا مروري ومودتي واحترامي
مزيد من المنطق والعقل والحكمة، استفدت من طرحك يا باشمهندس ???
من الموضوعات الشائكة التي نواجهها كثيرا بحياتنا، فهناك بالفعل فئة من الناس يتم تقديم كل العطاء له (عطاء نفسي او مادي أو دعم وتحفيز) وبسخاء دون مقابل وتجدهم أول من يطعنك ويجرح نفسيتك، ربما ولأن هذا النمط كثر عدده الآن هو ما يلفت انتباهنا وما دعى د أمنة لكتابة هذا الطرح العميق والصريح، ولا أظنه طرحاً صادماً لنا لكنه الحقيقة (وللأسف) ?
أتفق مع جزء من الكلام
فبطبيعتي أساعد قدر استطاعتي ( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) أساعد كل من صادف طريقي لله ليس لمقابل هل سيرد المعروف أم لا؟ .. وبالتالي تتحقق نيتي الصادقة بعدم رد المعروف عندما لم يتركوا أثرًا سيئًا في قلبي، فأنا أصلاً قدمت المساعدة بنية إصلاح المجتمع خالصًا لله
أتفق .. إن كنت أعلم بأني لا أستطيع تقديم المساعدة إلا بمقابل أو لا أستطيع لأن هناك ظروف تمنعني كتقديم أولوية على أخرى فنعم هنا لا أقدم حتى لا أستنذف طاقتي بل أوفرها لأولوياتي
فالمهم بتقديم المساعدة أن أقوم برعاية مسؤلياتي بمن أعول وببر والداي وكما تعلمنا في ديننا الإسلامي الحنيف إغاثة الملهوف! والدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ? فعلى ماذا سأنهار إن قدمت المساعدة ولم يقدموا هم! بالعكس فلقد ازددت من حصيلة رصيدي عند الله لأفوز بالنعيم الأبدي
أما بالنسبة للنصح فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب في القرآن الكريم وفي المثل الشعبي باللهجة السورية ( قال يا فرعون مين فرعنك قلهم ما في مين يردني ) فستصبح الحياة غابة إن تركنا الناس وشأنهم
جميعنا في مركب واحد إما نغرق معًا أو ننجو معًا
لم أقل اعمل خير وارمي بالبحر بل اعمل خير وتوكل على الله هو حسبك وكفى
بارك الله فيك أستاذة فاطمة،مساعدة الآخرين هو هدف نبيل،وهو حاجة ضرورية للمعطي قبل المستقبل ،فنحن نحتاج منهم بقدر حاجتهم ولربما أكثر.
لكن ما ذكرته هنا هي الحالات التي لا يجب أن نعرض مساعدتنا لأنها قد تُفهم بشكل مغاير تماما،مثال؛ تحاولين مساعدة شخص ما لتطوير عمله وتبذلين جهدا كبيرا بدون مقابل مادي والنتيجة قد تكون ان الطرف الآخر يبدأ بالشك في نواياك بالتخريب او الاستيلاء على جهده وهنا ترن مقولة أجدادنا ” خير تعمل شر تلقى” ، لذا المقصد هنا ليس ألا تمد يد المساعدة ولكن تمهل وانظر أين تزرع بذرة الخير هذه حتى لا تكون عملا منقطعا.
أشكرك على ردك
اتفق تماما، فالمقال بإختصار، ينبه على ضرورة عدم استنزاف طاقاتك على من /ما لا يستحق .
أستاذة إيمان
أشكرك على الرد، وما اود أن أركز عليه هو فيمن و أين أستثمر وقتي وجهدي.
فلو قدمت المساعدة بتلقائية وعاطفة بحته قد أكون سببت أذى لغيري أو لنفسي.
وهناك أبيات شعرية تردد كثيرا لمن يزرع الخير في غير مكانه:
ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله ِ يلاقي الذي لاقـَى مجيرُ امِّ عامر ِ
أدام لها حين استجارت بقـــــــربهِ
طعاماًً وألبان اللـــقاح الدرائـــــــر ِ
وسمـَّـنها حتى إذا مـــــا تكاملــــتْ
فـَـرَتـْهُُ بأنيابٍ لها وأظافــــــــــر
فقلْ لذوي المعروفِ هذا جزاء منْ بدا يصنعُ المعروفَ في غير شــاكر ِ
دمتي بود