مقالات وآراء

كيف تتعلم المثابرة

الدبلوم المتكامل في الصحة النفسية

كان وما زال التفوق الدراسي بجناحيه “المثابرة والذكاء” الموضوع الأهم للطلاب في كافة المراحل التعليمية .. إذ أنه يمثل المعيار الأبرز لنجاح العملية التربوية والتعليمية.

فالتفوق الدراسي هو قدرة الطالب على فهم المناهج الدراسية والتفاعل الإيجابي معها والإستفادة  العلمية والعملية منها في حياته الشخصية والمجتمعية .

ويرى بعض الخبراء التربويين في المجال التعليمي أن درجات الطالب في إختباراته الشهرية أو السنوية هي التي تميز المتفوق والغير المتفوق الناجح والفاشل! ..

ويرى آخرون أنه ينبغي أن ينصب الجهد العلمي والتدريبي على تحديد وتنمية معدلات ذكاء الطالب وفقط باعتبار أن الذكاء وحده هو المسئول عن التفوق الدراسي لدى الطلاب !

بينما بدأت إتجاهات التعليم الحديثة تهتم بمسارات جديدة لها أهميتها التي تسبق الذكاء ولا تنفيه عن أهميتها في التفوق الدراسي .. كالمثابرة والجلد والإصرار والإستعداد الحقيقي للتفوق الدراسي .

وفي هذه المقالة يعتقد الكاتب أن المثابرة والذكاء معاً مسئولان عن تحقيق التفوق الدراسي إلا أن المثابرة تسبق الذكاء في تحقيق ذلك .

مفهوم المثابرة ولماذا:

فالمثابرة تعني الإستعداد النفسي والذهني والسلوكي والبدني للوصول الى ما يريده الفرد .. وفي مجال الدراسة فالمثابرة تعني الإستعداد الحقيقي لبذل أقصى جهد والصبر والجلد حتى الوصول لأحسن النتائج مهما كانت التحديات بل والسعي الدائم بحماس وإبداع لإزالة العقبات وحل المشكلات حتى الوصول لهدف التفوق الدراسي .

بهذا المعنى السابق فإننا نرى كثيرا من ذوي معدلات عالية جدا من الذكاء لا يصلون الى التفوق الدراسي لأنهم لا يحملون ” المثابرة الحقيقية ” داخل نفوسهم ! بينما العكس صحيح فإن المثابرة مع معدل ذكاء ليس شرطا معدلا فائقا فإن صاحبها يصل الى أفضل النتائج في التفوق الدراسي .

ففي دراسة قامت بها Angela Lee Duckworth على الألاف من الطلاب في عدد من المدارس الأمريكية على مدار أكثر من خمس سنوات أثبتت أن معدلات الذكاء المرتفعة ليست سببا في التفوق الدراسي وإنما المثابرة والجلد والإستعداد النفسي الداخلى القوى للتفوق هو المحقق لهذا الهدف .

كيف تتحقق المثابرة:

للوصول الى الطرق الصحيحة التي تُمكننا من تحقيق المثابرة لدى الطلاب ومن ثم تحقق التفوق الدراسي لابد من النظر بعين المحلل والمستفيد الى إحدى التجارب الرائدة في التعليم وهي تجربة فنلندا .. والتي جعلت التفوق الدراسي هدفاً لجميع الطلاب وسبق ذلك مثابرتهم وجلدهم لتحقيقه ويمكن أن نوجز أسباب تحقق المثابرة والتفوق الدراسي وريادة فنلندا في المجال التعليمي في النقاط التالية :
 1- راحة الطالب النفسية في المدرسة هي التي تولد لديه المثابرة إذ أن المدرسة هي المكان الذي يقضي فيه معظم وقته .

2- إعطاء الفرص للجميع في اكتساب المهارات في المواد المختلفة كالعلوم والرياضيات والقراءة واللغات، وحتى مع وجود تباين في الذكاء والمهارات إلا أن نظام التعليم عمل على ردم الفجوة التي قد تخلق هذا التباين بزيادة مهارات الطلبة جميعاً، حيث يبدأ التعليم من سن السابعة.

3- أول ست سنوات من عمر الطالب هي الأهم في المدرسة وفي التعليم الفنلندي، لأنها فترة بناء المعرفة والمهارات البسيطة والتعود على حياة التعلم واكتساب المعرفة لتعود عليهم بالفائدة في المراحل التي تليها.

4- يحافظ المعلمون في فنلندا على سريان المعيار الحكومي على المناهج دون التقيد بمنهاج مكتوب، والجميل أن المعلم له حق تقسيم المادة واختيار الدروس التي يريد اعطاءها وطريقة التدريس حسب رغبته واقتناعه بأهمية المواد وشموليتها عمقها ومحافظتها على المحتوي العلمي القوي.

5- الخطوة السابقة لا تتم الا بوجود نخبة من المتميزيين أصحاب الدراسات العليا وفي مراحل معينة يجب أن يكونوا حاصلين على الماجستير على الأقل، وفي بعض المراحل يكونوا حاصلين على شهادة الدكتوراة، وإن عملية اختيار المعلمين لما يريدوا إعطاءه يزيد من حسن العلاقة الجيدة مع طلابهم وشفافيتها وقوتها، لأن هذه الطريق لا تعمل على التلقين وإنما تدفع الطالب للبحث والاستفسار والاكتشاف .

6-ليس هناك قلق دراسي في فنلندا، إذ ليس هناك اختبارات في السنوات التسع الأولى، وإنما تقييم أداء من قبل المعلمين، وبذلك تزيد ثقة الطلاب بقدراتهم وأنفسهم ولا يسمح للتمييز بينهم، والمقصر يزداد الاهتمام به .

7-وفي مراحل معينة يتم عمل اختبارات من قبل المعلمين أنفسهم، وتبقى النتائج سرية إلى أن يطلبها مجلس التعليم الوطني بهدف تحسين آلية التعليم فقط. اذاً إن أكثر ما يهمهم هو تحسين عملية التعليم وتقوية مسيرتها وليس العلامات والنجاح والقبول بالجامعات، كما هي مشكلة الطلبة العرب بمارحل التعليم العام المختلفة.

خاتمة:

قد تختلف الثقافات وتتعدد المجتمعات لكن تبقى عوامل النجاح واحدة وتحتاج الى وسائل تتوافق مع الثقافة وطبيعة المجتمع فهلّا بحثنا في ذلك وعدنا الى مجد الأمة السابق في ريادة التعليم بنخب من المتفوقين العباقرة الذي ثابروا فأنجزوا وتقدموا فتقدمت بهم مجتمعاتهم وأمتهم ؟!! .

إقرأ أيضاً:

5 خطوات لتعلُم العادات الفعّالة

مصادر:

تجربة نجاح التعليم الفنلندي

من قصص نجاح المشاركين في دوراتنا

عمر الهادي

مؤسس الأكاديمية الدولية للإنجاز

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
×