مقالات وآراء

حوار خاص مع د. محمود الراشد حول: الصحة النفسية في عصر وسائل التواصل الاجتماعي

الدبلوم المتكامل في الصحة النفسية

مع التواجد القوي لوسائل التواصل الاجتماعي في كل جوانب حياتنا، تكاد تكون صحتنا النفسية هي العامل الأهم للانتباه له، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثيراتها الإيجابية والسلبية. في هذا الحوار، نتناول زوايا متعددة من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي مع د. محمود الراشد، الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للإنجاز(اكتبوا لنا آرائكم و أسئلتكم في التعليقات أدناه).

عمر الهادي: أهلاً وسهلاً بك د. محمود. يسعدنا أن تكون معنا اليوم لمناقشة هذا الموضوع الحيوي. كيف ترى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية في مجتمعنا اليوم؟

د. محمود الراشد: شكراً على الاستضافة، عمر. وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وقد أثرت بشكل كبير على صحتنا النفسية. من جهة، توفر هذه الوسائل فرصاً للتواصل والتفاعل، ومن جهة أخرى، يمكن أن تسهم في زيادة مستويات التوتر والقلق والاكتئاب، خاصة عند الاستخدام المفرط أو السلبي.

عمر الهادي: بالفعل، التأثير يبدو مزدوجاً. ما هي الأسباب الرئيسية التي تجعل وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً للتوتر النفسي؟

د. محمود الراشد: هناك عدة أسباب رئيسية، منها:

  1. المقارنة الاجتماعية: الناس يميلون إلى مقارنة حياتهم بحياة الآخرين بناءً على ما يرونه في وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الرضا والغيرة.
  2. الإدمان الرقمي: قضاء وقت طويل على هذه المنصات يمكن أن يسبب إدماناً، مما يؤثر سلباً على النوم والأداء اليومي.
  3. التنمر الإلكتروني: التعرض للتنمر والمضايقات عبر الإنترنت يمكن أن يترك أثراً نفسياً عميقاً.
  4. الشعور بالعزلة: رغم الاتصال الافتراضي، يمكن أن يشعر الأفراد بالعزلة والوحدة عندما لا يكون هناك تفاعل حقيقي.

عمر الهادي: د. محمود، كيف يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤثر على صورة الذات لدى الشباب والمراهقين؟

د. محمود الراشد: وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل صورة الذات، خصوصاً لدى الشباب والمراهقين الذين هم في مرحلة بناء هويتهم الشخصية. يتعرض هؤلاء لضغط كبير لتحقيق مثالية غير واقعية بسبب الصور والمحتويات المحسنة التي يرونها يومياً. هذا قد يؤدي إلى شعور بعدم الرضا عن الذات وانخفاض الثقة بالنفس. من المهم أن نوجه الشباب ليفهموا أن ما يرونه على وسائل التواصل ليس دائماً يعكس الحقيقة وأن يقيموا قيمة ذاتهم بناءً على إنجازاتهم وقيمهم الشخصية، وليس على المعايير الزائفة التي تفرضها هذه المنصات.

عمر الهادي: هذه نقطة مهمة جداً. كيف يمكن للأفراد التخفيف من هذه الآثار السلبية؟

د. محمود الراشد: هناك عدة استراتيجيات يمكن أن تساعد:

  1. تحديد وقت الاستخدام: تحديد وقت معين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يقلل من الإدمان ويتيح وقتاً للنشاطات الأخرى.
  2. البحث عن التفاعل الحقيقي: الحرص على التواصل وجهاً لوجه مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يعزز الصحة النفسية.
  3. تصفية المحتوى: متابعة المحتوى الإيجابي والمحفز والابتعاد عن الحسابات التي تسبب التوتر أو المقارنات السلبية.
  4. الوعي الذاتي: العمل على زيادة الوعي الذاتي والتحكم في المشاعر يمكن أن يساعد في إدارة تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي.

عمر الهادي: تبدو نصائح عملية ومفيدة. هل هناك تأثير إيجابي يمكن أن تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟

د. محمود الراشد: نعم، بالتأكيد هناك تأثيرات إيجابية. وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتواصل مع الآخرين، خاصة للأشخاص الذين يشعرون بالعزلة أو يعيشون في مناطق نائية. يمكن أن توفر هذه المنصات دعماً اجتماعياً ومجموعات دعم للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية، مما يمنحهم الفرصة للتواصل مع من يشاركونهم نفس التجارب والمشاعر. أيضاً، يمكن أن تكون وسيلة لنشر الوعي حول الصحة النفسية وتقديم النصائح والمعلومات المفيدة.

عمر الهادي: جميل جداً. ما هو دور المؤسسات التعليمية والمجتمع في التوعية بهذه القضية؟

د. محمود الراشد: يجب أن تلعب المؤسسات التعليمية دوراً رئيسياً في توعية الطلاب حول الاستخدام الآمن والمسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي. يمكن تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعزيز الوعي بالصحة النفسية وتوفير استراتيجيات للتعامل مع التوتر. كذلك، يمكن للمجتمع بشكل عام أن يساهم في خلق بيئة داعمة ومشجعة للتفاعل الإيجابي والتواصل الفعال.

عمر الهادي: وما هي النصائح التي تقدمها للأشخاص الذين يشعرون بالضغط النفسي بسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

د. محمود الراشد: أولاً، أنصح بتحديد وقت معين لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب الإدمان الرقمي. ثانياً، يجب تصفية المتابعين والمحتوى الذي يتم مشاهدته والتركيز على الحسابات التي تقدم محتوى إيجابي ومفيد. ثالثاً، من المفيد جداً الانخراط في نشاطات خارج العالم الرقمي مثل القراءة، الرياضة، والتواصل الاجتماعي الحقيقي. وأخيراً، إذا كان الشخص يشعر بأن التوتر والقلق يتزايدان، فمن الأفضل طلب المساعدة من مختص نفسي للتعامل مع هذه المشاعر بشكل فعال وصحي.

عمر الهادي: نصائح قيّمة. شكراً جزيلاً لك د. محمود على هذه الرؤية الشاملة والمفيدة. هل هناك نصيحة أخيرة تود تقديمها لمتابعينا؟

د. محمود الراشد: أشكرك عمر. نصيحتي للجميع هي أن يكونوا واعين لتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على صحتهم النفسية، وأن يسعوا لتحقيق توازن صحي بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية. الاهتمام بالصحة النفسية يجب أن يكون أولوية، وأن نتذكر دائماً أن التواصل الحقيقي هو المفتاح لحياة نفسية سليمة.

عمر الهادي: شكراً لكم د. محمود على هذا الحوار الثري والممتع. نتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح في مسيرتكم العلمية والعملية.

د. محمود الراشد: شكراً لكم، كان لي الشرف بالحضور والمشاركة.

من قصص نجاح المشاركين في دوراتنا

عمر الهادي

مؤسس الأكاديمية الدولية للإنجاز

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
×