يعتبر الفن وسيلة يعبر بها الفرد عن أفكاره ومشاعره وعواطفه وهو المنقذ لمخيلته، كما أنه احد أشكال النشاط العقلي الذي يضيء حجرات المخيلة وينشط الفكر.
وقد عمد علماء النفس والمربون منذ مدة طويلة إلي تقدير الأهمية العظيمة للفن بالنسبة للطفل فوجدوا (أن الفن نشاط تلقائي يجد الطفل راحته النفسية والعقلية فيه، ويستطيع الطفل عن طريقه أن يعبر عن رغباته ومخاوفه ومخيلته).
إن الأطفال يحسون ويتألمون ونحن الكبار لا نختلف عنهم في شيء إلا أنهم في بعض الأحيان قد لا يستطيعون طرح ما يعانون منه من عقد نفسية ومعاناة تربوية ، لذلك اعتبر المحللون النفسيون أن التعبيرات الفنية التي ينطلق فيها الأطفال ، ما هي إلا تعبيرات عن مشاكلهم وهمومهم كأسلوب علاجي للتخلص منها، حيث يتعرض بعض الأطفال في حياتهم اليومية إلي المضايقات أو حدوث حالة وفاة لأحد أفراد العائلة أو مشاكل الطلاق، فهذه المشاكل تولد التوتر والخوف لدى الأطفال إذا بقيت داخل الطفل دون أن يجد لها متنفساً وتؤثر على تكوينه العاطفي والنفسي .
وهنا يظهر نشاط الفن كمحاكاة جيدة لتفريغ تلك الشحنات السلبية داخله فيتخلص مما يشعر به من توترات ومن هنا نرى بضرورة ربط الفن بالحالة النفسية والاجتماعية للطفل، وبالتالي يصعب فصل العوامل والمعوقات التي تنعكس على رسوم الأطفال كالناحية الانفعالية والعقلية، ولهذا يمكن اعتبار تشخيص ما يعانيه الطفل من خلال رسومه مفتاحا للمربي لفهم باطن هذه الرموز من أجل طبيعته العقلية والنفسية.
إن الفن يساهم في نشاط الطفل العقلي، والمعرفي وهو تعبير عن حياته الانفعالية . وقد جاء تأكيد علماء النفس بأن رسوم الأطفال تتسم بمعرفة سلوكه وذكائه، حيث تمكنوا من معرفة قدرات الأطفال المختلفة ومعرفة شخصيتهم وحالاتهم النفسية والعقلية والجسمية التي يعبرون عنها أثناء تعبيرهم في الرسم ومعرفة أنماطهم السيكولوجية.
إن هذه الرموز النفسية تجعل الكثير من الناس ينظرون إلي فنون الأطفال نظرة استخفاف وعدم مبالاة، حيث لا يمكن فهمها إلا من خلال دراسة نفسية ثقافية عميقة وهي مهمة المحلل النفساني الذي يصل بواسطتها إلي تشخيص المرض النفسي الذي ينتاب الطفل فيمكنه من معرفة أسبابه، وفي عديد من الأبحاث لعلماء النفس المهتمين برسوم الأطفال أكدوا على (أن رسوم الأطفال الحرة تكشف عن أعمال جديدة في نموهم العقلي وخصائصهم وعالمهم الخاص بهم).
وهذه الخطوط والعلاقات الرمزية إسقاطيه، فيقول علماء النفس بأن الطفل يشاهد الصورة الذهنية في عقله، فيترجمها إلي خطوط رمزية مجردة بإيقاع حركي هندسي فريد، أي أنه
يستحضر صوراً ذهنية إسقاطيه في شيء ما قد يكون رمزاً يصعب على الكبار معرفة مضامينه أو لغزاً محيراً للكبار يصعب عليهم تحديد مصدره، بمعنى قد يصعب على الكبار قراءة رموزه، ولكن هذه الصورة الذهنية الاسقاطية تفقد حيويتها وتفردها إذا تدخلت رغبات الكبار فيها، وفرضت عليه أن يرسم صورا واقعية تقليدية.