في عصر الإنترنت وثورته المتواصلة تتسم أسئلة الأطفال بمسايرة هذا التطور، وتكثر هذه الأسئلة في مرحلة ما قبل المدرسة (مرحلة الطفولة المبكرة) محاولةً من الطفل في الاستكشاف والتعرف وحب الاستطلاع، إذ أنه لا يتلقى ما يسمعه أو يشاهده دون مزيد من الاستفسارات والأسئلة الأكثر تفصيلاً وينتظر بشغف إجابات واضحة ومقنعة بالنسبة له، والأدهى أنه يستعمل خياله الواسع وقد يضيف على المشهد ما لا يتوقعه الآباء والمربون.
ولأن الإجابة سيترتب عليها بناء شخصية الطفل (وليس كما يعتقد البعض أنها لحظات وينتهي الموقف بإسكات الطفل بكلمتين! ) فإن الإجابة مسئولية، ولذا ينبغي الانتباه عند الإجابة على أسئلة الطفل إلى سمات المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، ودرجة ذكاءه وخياله الواسع، عد الحرج من أسئلته أياً كانت.
خصائص المرحلة العمرية لطفل ما قبل المدرسة:
- وجود فروق بين الجنسين فبالنسبة للعب يميل الذكور إلى التعبير العضلي في اللعب، كألعاب القوى والمصارعة، بينما تميل الإناث إلى اللعب الذي يتطلب الدقة والمهارة والترتيب.
- أما عن خيال الطفل في هذه المرحلة، من الملاحظ أنه يبدأ من الواقع ولكنه لا يلتزم بأي قيود.
- يوجد قصور في إدراك البعد الزمني، فهو يريد إشباع حاجاته عاجلا وبدون تأخير.
- يحدث تطور في اللغة إلى جمل أطول.
- من مكونات النمو الانفعالي لدى الطفل في هذه المرحلة: الخوف، الغضب، الغيرة، الاستطلاع الجنسي، التعرف على عواطف الآخرين وتفهمها، والبعض يسمي هذه المرحلة بمرحلة الطفولة الصاخبة حيث يكون الفرح بشدة والغضب بعنف وثورة وحيث التقلب الفجائي.
- ويميل الطفل إلى كثرة الأسئلة في هذه المرحلة.
لماذا يكثر الطفل من التساؤلات في هذه المرحلة؟
- رغبة الطفل في الاستطلاع والاكتشاف.
- حاجة الطفل إلى الفهم.
- حاجة الطفل إلى المشاركة وتأكيد الذات.
- الرغبة في تقليد الكبار.
- نمو القدرة اللغوية.
أهمية الإجابة عن أسئلة الطفل:
- تعزيز تقدير الذات عند الأطفال.
- تحقق له توازنا نفسيا.
- تزيد من قدرته على التفكير.
- فهم الآخرين واحترام الذات.
- فهم العادات والتقليد المحيطة به ويحترمها الجميع.
مستويات الإجابة على أسئلة الطفل:
وضح العالم “إسترنبرج” في برنامجه لتنمية التفكير سبعة مستويات للإجابة على أسئلة الطفل وهي:
المستوى الأول: رفض السؤال
كأن تكون الإجابة قول الوالدين: توقف عن هذه الأسئلة، لا تكن كثير التساؤل، لا تزعجني بأسئلتك… إلخ، وهنا تصل إلى الطفل رسالة تحمل له أمرا بالصمت، فالأسئلة مصدر إزعاج وبتكرار هذه الإجابة يتعلم الطفل عدم توجيه أسئلة أي “يتعلم ألا يتعلم”.
المستوى الثاني: إعادة صياغة السؤال (التهرب)
في هذا المستوى لا يقدم المجيب إجابة حقيقية، فعلى سؤال لماذا لا نرى الله قد يجيب: الله ربنا ونحن لا نرى ربنا.
المستوى الثالث: إعطاء إجابة مباشرة أو الاعتراف بالجهل
وهنا تتاح للطفل معرفة شيء جديد، أو قد يتبين أن والديه أو معلّمه لا يعرف كل شيء، وكلاهما إجابة معقولة ومقبولة في بعض المواقف، ولكن ليست متنوعة
هنا يقر المجيب بأنه لا يعرف الإجابة، ويطلب من الطفل اقتراح ما يراه تفسيرًا مناسبا أو إجابة مناسبة، والوضع الأمثل أن يشترك المربي والطفل في البحث حتى يتوصل إلى بدائل متعددة للإجابة عن السؤال.
المستوى الرابع: تشجيع الطفل على البحث عن الإجابة من مصادر موثوق بها
كأن تكون الإجابة: سوف أبحث عن إجابة سؤالك في كتاب التفسير أو كتاب العقيدة، أو: لماذا لا تسأل فلانًا فقد درس هذه الأمور؟ وهنا يتعلم الطفل أن المعرفة التي لا يمتلكها يستطيع الحصول عليها ببذل الجهد والسعي.
المستوى الخامس: تقديم تفسيرات
كأن يقوم المربي بالإجابة المباشرة عن موضوع السؤال.
المستوى السادس: تفسير أو إجابة السؤال وتقييم الإجابة
وهنا لا يكتفي المجيب بتشجيع الطفل على التوصل لبدائل متنوعة، ولكن يناقش معه طرق تقييم مصداقية كل بديل.
المستوى السابع: التوصل لتفسير وتقييم التفسير ومتابعة التقييم
هنا يسعى المجيب لتشجيع الطفل على القيام بتجربة، وجمع الإجابة من الكتب والمصادر، وبذلك يتعلم الطفل التفكير والبحث بنفسه عن الإجابة.
ولا بد من التنبه إلى أنه قد لا يتاح للمربي أن يصل إلى المستوى السابع إما لضيق الوقت أو لقصور المصادر أو لعدم مناسبة هذا المستوى لعمر الطفل، وهنا يختار المربي المستوى المناسب للموقف، وفي ذهنه حقيقة أساسية أن المستويات الأعلى أكثر فاعلية في تنمية المهارات المعرفية والذكاء.
كما أن أسئلة الأطفال تختلف حسب المرحلة العمرية للطفل، فمثلا ينتقل الطفل من أسئلة ما هذا إلى أسئلة كيف هذا إلى أسئلة لماذا هذا بعد ذلك، والطفل الذكي هو طفل كثير الأسئلة وان اعتبره أهلة ثرثارا، والمسألة تتعلق بفهم الوالدين وطريقة تعاملهما مع أطفالهم أكثر ما تتعلق بالأطفال.
وأما تجاهل أسئلة الطفل فيؤدي بعد فترة قد تطول أو تقصر إلى أن يسأل الطفل الغرباء الذين لا نستطيع دائمًا أن نثق فيما يقولون للطفل، وقد يتحول إلى شخص كتوم لا يعبر عن رغبته في المعرفة تحاشيا للتفاعلات غير المرغوبة فيها من الآخرين.